في وداع الراحلين :
الأخ الداعية العامل السابق عبد السلام بيراوي في ذمة الله
زهير سالم*
وبين الباب وحلب ظل اللواء خفاقا وظل الداعية بهمة الرجال يصول ويجول... وتعرفت به وهو أحد حملة لواء الدعوة ، يسير به وسط الأنواء ولا يبالي ..
ثم تقاذفتنا المشاغل والنوى ، حتى سمعت أنه أصبح رهينة في سجون الظالمين . فقضى في سجن تدمر الرهيب سنين طوالا ، ضرب فيها هو وإخوانه من الدعاة الذين كانوا معه أروع آيات الصبر والثبات ..
وحين يدرس علماء الإنسان وعلماء الاجتماع حقيقة ما تعرض له هذا الجيل من الدعاة السوريين من التوحش والقسوة سيكتشفون نظريات جديدة عن هول التسفل الإنساني ، عندما يرتد الإنسان إلى أسفل سافلين ، فيكون هذا الذي جرى ويجري في معتقلات زمرة حافظ وبشار .. وحسبنا اعتراف مصطفى طلاس في كل أسبوع قائمة مئوية توقع للإعدام الله أعلم من سيكون فيها ..
وكانت تلك الإعدامات إنما تتم لمصلحة الأجندات الخارجية التي قررت منذ وصل غورو دمشق من هم في سورية المستهدفون ..
وحين يدرس علماء الإنسان والاجتماع حجم ما أبداه هذا الجيل من الدعاة المسلمين من صبر وثبات ونقاء ، ستكون لهم أيضا نظريات كشف جديدة عن حقيقة اللؤلؤة المكنونة في قلب الإنسان المؤمن الرشيد ..
وكان أخونا عبد السلام واحدا من جيل الشهود على الناس ، الذين عاهدوا فصدقوا ووفوا ..
خمسون سنة ربما تفصلني عن آخر لقاء جمعني بالأخ الراحل الحبيب عبد السلام ، وكان ثالثنا يومها الأخ الشهيد الجميل عدنان شيخوني رحمهما الله تعالى ..
ونتذكر لنزداد يقينا أنه لكل أجل كتاب ..
ولنؤكد بيعة بايعنا عليها ، ووعدا قطعناه ، وعهدا عاهدنا عليه ..
اللهم ارزقنا الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرشد ، وتوفنا وأنت راض عنا . واختم لنا ولكل دعاة الخير بخير ..
اللهم اغفر لأخينا عبد السلام وارحمه ، وتقبل منهم واقبله . اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ، ولقه الأمن والبشرى والكرامة والزلفى ..
وخالص العزاء والمواساة لأسرة أخينا الفقيد ولأحبابه وإخوانه ولأسرة الدعوة على درب المصابرة الطويل ..
اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله ..
وإنا لله وإنا إليه راجعون ..
لندن : 6 ربيع الثاني / 1442
22/ 11/ 2020
___________
*مدير مركز الشرق العربي