الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اغتيال رزان جريمة "إسرائيلية" أخرى

اغتيال رزان جريمة "إسرائيلية" أخرى

07.06.2018
نبيل سالم


الخليج
الاربعاء 6/6/2018
يصر قادة وجنود الاحتلال "الإسرائيلي"، على أن يقدموا كل يوم دليلاً جديداً على استهتارهم بالأخلاق، ومجافاتهم للقيم والقوانين والأعراف الدولية، في محاولة، على ما يبدو، لتذكير العالم دائماً بأن "إسرائيل" دولة فوق القانون، وأن محاسبتها على أعمالها الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني، ليست سوى أحلام غير واقعية.
والحقيقة أن قادة الاحتلال يعتمدون في هذا الموقف الغريب الذي لا ينسجم وأبسط المبادئ الدولية، على ما يقدمه الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية ل"إسرائيل" من دعم أدبي، ومعنوي، ومادي، وتزويدها بالسلاح الأخطر، وحمايتها، وتغطية جرائمها سياسياً على الساحة الدولية، نظراً لدورها كحارس للمصالح الغربية، ومخرب، ومعيق لأي توجه عربي للتطور وامتلاك عناصر القوة اللازمة لحماية المنطقة العربية من الأطماع الخارجية.
ومنذ أيام قليلة، قدم المحتلون "الإسرائيليون"، مثالاً صارخاً جديداً على تحديهم للقانون الدولي الإنساني، باستهدافهم عمداً لمسعفة فلسطينية، تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، وهي الشهيدة الشابة رزان النجار التي استهدفها جنود الاحتلال عن عمد، فيما كانت تقوم بدورها الإنساني، في إغاثة الجرحى الذين يصابون بنيران الاحتلال على تخوم غزة، وهي جريمة جديدة تضاف إلى سجل "إسرائيل" المملوء بالجرائم، وتحدي القانون الدولي على مدى عشرات السنين.
وكما هو معروف فإن اتفاقية جنيف الرابعة تمنع استهداف الأشخاص المشمولين بالحماية بموجب قانون المعاهدات والقانون الدولي الإنساني العرفي، التي تشير بالتحديد إلى المرضى، والجرحى، والمنكوبين في البحار، والأسرى والمدنيين الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية، و العاملين في الخدمات الطبية والهيئات الدينية، والعاملين في المجال الإنساني وأفراد قوات الدفاع المدني.
ويدعو المبدأ العام إلى احترام حياة وكرامة الذين لا يشاركون، أو كفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية، وكفالة أمنهم. ويسري القانون الدولي الإنساني على جميع أطراف النزاع، الدول منها وغير الدول، ويُلزمها باحترام قواعده وضمان احترامها.
أي أن استهداف جنود الاحتلال للمسعفة الفلسطينية، رزان المغربي، يعد جريمة بحق الإنسانية، وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، الذي ينطبق على عدد كبير من المهام التي يضطلع بها أفراد الدفاع المدني، أو العاملون في الخدمات الطبية أثناء الحروب، مثل معالجة الجرحى، وعمليات الإجلاء، ومكافحة الحريق، وتطهير جثث الموتى والتخلص منها، وبالتالي لا يجيز ارتكاب أي هجوم على أفراد الإسعاف والدفاع المدني المكلّفين بهذه الأنشطة، ولا يشاركون في العمليات العدائية، وينص أيضاً على توفير الحماية للمعدات والسيارات والمباني.
والحقيقة أننا لو توقفنا أمام الممارسات "الإسرائيلية" شبه اليومية التي تجري سواء داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو خارجها، لوجدنا أن هذه الممارسات، تعد انتهاكاً صارخاً، وواضحاً، وخطيراً، لكل هذه القوانين الدولية، كما أنها تمثل أكبر إهانة للمجتمع الدولي، الذي يفترض أن يكون حريصاً على القوانين والأعراف الدولية، والانضباطية في تنفيذها، ومحاسبة الجهات، أو الدول التي تصر على انتهاكها.
إلا أن تجاهل المجتمع الدولي للسلوك "الإسرائيلي" المدمر، واستمرار تغطية الغرب الاستعماري للجرائم "الإسرائيلية"، يساعدان في اتساعها وزيادتها، بدلاً من محاسبة مرتكبيها وتقديمهم إلى العدالة الدولية، لا سيما وأن الجرائم "الإسرائيلية" تمثل أيضاً انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان التي يتشدق الغرب ليل نهار بأنه حاميها والمدافع القوي عنها .
ورغم اعتماد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مؤخراً، قرارات تدعو لحماية الشعب الفلسطيني، وتشكيل لجنة تحقيق في الجرائم "الإسرائيلية" وتدين الانتهاكات والممارسات "الإسرائيلية" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما سبقها من عشرات، وربما مئات القرارات المشابهة، فإن "إسرائيل" تصر على مواصلة نفس الأساليب الهمجية التي دأبت على استخدامها ضد الشعب الفلسطيني، إن كان من خلال عمليات القتل شبه اليومي، أو استهداف الطواقم الطبية الفلسطينية التي كان آخرها استهداف رزان النجار، أو هدم المنازل ،وعمليات الاعتقال الدائمة،وتعذيب الأسرى وغيرها من الممارسات الوحشية .
وأمام كل هذه الجرائم، وانتهاكات القانون الدولي المتعمدة، لابد من التساؤل : إلى متى ستبقى "إسرائيل" دولة محمية بالقوة الغربية، ترتكب جرائمها بلا حساب، والى متى سيبقى المجتمع الدولي أعمى البصر، والبصيرة؟