الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اعترافات الأسد

اعترافات الأسد

03.06.2018
صادق ناشر


الخليج
السبت 2/6/2018
لم يحمل إقرار رئيس النظام السوري بشار الأسد بوجود ضباط إيرانيين يقاتلون في سوريا، جديداً، فالكل يعلم أن إيران حاضرة ليس فقط بضباطها، بل بجنودها واستخباراتها وأموالها، والدليل على ذلك ما أعلنت عنه طهران من أنها خسرت ما يزيد على 2000 من عناصر الحرس الثوري في المعارك الدائرة بالأراضي السورية.
جميعنا يعلم أن الأسد يستعين عسكرياً بإيران منذ سنوات طويلة، خاصة منذ انطلاق ما يسمى "الربيع العربي"، إلاّ أن العلاقة بين الجانبين ظلت على الدوام في أوج قوتها ولم تنقطع، خاصة أن النظام السوري وقف إلى جانب إيران عندما كانت الأخيرة تخوض حرباً ضد نظام صدام حسين في العراق، وهي من الدول القليلة التي اتخذت هذا الموقف لأسباب تعود إلى الصراع على قيادة حزب البعث.
يدرك الأسد أن إيران توطد نفوذها أكثر وأكثر في سوريا، وحتى لو أراد إخراجها فلن يكون ذلك ممكناً، وقد رأينا ردة الفعل الإيرانية العنيفة من الدعوة التي صدرت عن روسيا القاضية بانسحاب كافة القوات الأجنبية من سوريا، إذا كان ذلك يساعد على وضع حد للحرب الدائرة في هذه البلاد منذ ثماني سنوات، فقد ردت على ذلك بالقول إنها لن تخرج من سوريا، بدعوى أن وجودها فيه جاء بطلب من حكومته، حتى إن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أشار إلى أنه لا يمكن لأحد أن يجبر إيران على الخروج من سوريا لأن "لدينا سياسات مستقلة خاصة بنا".
الرد الإيراني جاء بعد ساعات من تصريح أدلى به مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، الذي شرح تصريحاً للرئيس فلاديمير بوتين بشأن الحاجة إلى انسحاب القوات الأجنبية من سوريا، قال إنه يعني "كل المجموعات العسكرية الأجنبية، التي توجد على أراضي سوريا، بما فيهم الأمريكيون والأتراك وحزب الله والإيرانيون".
تصريحات الروس المزعجة لم ترق لطهران، فهي تدرك أن انسحابها من سوريا يسحب منها ورقة قوية تناور فيها مع الولايات المتحدة والغرب، وترغب في أن يكون لها حضور قوي في أي تسوية سياسية في سوريا وألا ينفرد الروس وحدهم بالكعكة، فمرحلة إعادة بناء الإعمار تتطلب حضوراً للشركات الاستثمارية الإيرانية لتعويض الخسائر التي أنفقتها طهران على تمويل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ولا تريد أن تخرج من المعركة صفر اليدين، أما الروس فإنهم لا يريدون أن يزاحمهم الإيرانيون في ساحة نفوذهم في سوريا، لهذا اقترحوا بلورة اتفاق مكون من ثلاثة بنود، تشمل انسحاب كافة القوات الأجنبية من جنوب سوريا وتسليمها إلى قوات النظام، وإخلاء المنطقة من الوجود الإيراني والميليشيات الموالية له لتكون على بعد يزيد على 25 كلم، وتوفير ضمانات روسية بعدم تعرض"إسرائيل" لضربات من الأراضي السورية، والحفاظ على عدم تصعيد التوتر.
الموقفان الروسي والإيراني المتنافران بشأن الخروج من سوريا تحسباً للمرحلة المقبلة، قد يؤدي إلى افتراق بين البلدين بعد أن ظلاّ لاعبين رئيسيين في المشهد السوري طوال السنوات القليلة الماضية.