الرئيسة \  واحة اللقاء  \  احتمالات الحرب مفتوحة وسط متغيرات دولية هل يتحضر "حزب الله" لمواجهة كبرى مع إسرائيل؟

احتمالات الحرب مفتوحة وسط متغيرات دولية هل يتحضر "حزب الله" لمواجهة كبرى مع إسرائيل؟

21.02.2017
إبراهيم حيدر


النهار
الاثنين 20/2/2017
ليست المرة الأولى التي يهدد فيها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله باستهداف العمق الإسرائيلي في حال ضرب اسرائيل للداخل اللبناني، فهو أعلن في خطاب سابق أن الحزب سيضرب خزانات "الأمونيا" في حيفا اذا استهدفت اسرائيل لبنان، ما أدى الى إفراغها بقرار من الحكومة الاسرائيلية. لكن التهديد يأتي هذه المرة في ظل متغيرات دولية، لعل أهمها وصول دونالد ترامب الى سدة الرئاسة الأميركية وإعلانه أن لا ضرورة لحل الدولتين، وإعلانه ايضاً دعماً غير مشروط لإسرائيل، إضافة الى إجراءات الحظر التي اتخذها، وهو أمر يدعو، وفق سياسي لبناني عتيق، الى شد الأحزمة والإستعداد لمرحلة مختلفة ستشهدها المنطقة ومن بينها لبنان.
يكفي، وفق السياسي إياه، أن يعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن أي اعتداء على لبنان سيُرد عليه بالمثل، ليؤمن التغطية السياسية لـ"حزب الله"، ليس في لبنان فقط بل في سوريا أيضاً، لكنه يشير الى أن التطورات المقبلة قد تُفتح على احتمالات عدة، من دون أن تكون الحرب قريبة. وإذا كان الوضع هادئاً على الحدود الجنوبية، إلا أن ذلك لا يطمئن استناداً الى تجارب الحروب السابقة، خصوصاً حرب تموز 2006 التي اشتعلت شرارتها بعد عملية "حزب الله" أسر جنود إسرائيليين، حيث امتدت الحرب أكثر من شهر، فكيف بالوضع الراهن الذي تظهر فيه الاستعدادات قابلة للحرب؟.
لكن الأمور ليست مستقرة لبنانياً لمواجهة اي حرب اسرائيلية محتملة، أو أي مواجهة إيرانية - أميركية قد يكون لبنان جزءاً منها. ففائض القوة والاستعداد العسكري لدى "حزب الله" لا يمكن تجييره كاملاً في أي مواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي، وفق السياسي اللبناني، خصوصاً أن الحزب منخرط بقوة في الحرب السورية التي تستنزف مقاتليه ونخبه العسكرية المدربة، وإن كان امتلك خبرة وتجارب إضافية في القتال على الأرض. فأي مواجهة قد تكون محتملة في أي وقت لا يستطيع "حزب الله" أن يديرها على قاعدة الجيش النظامي بما يمتلكه من صواريخ وسلاح ثقيل ومعدات قتالية حديثة، فالصواريخ التي يحكى عنها ليست متطابقة مع الواقع، إذ إن هذا النوع من الصواريخ القادر على ضرب العمق الإسرائيلي لا يمكن أن ينقل الى لبنان نظراً الى حجمه الكبير، إذا كنا نتحدث عن أن وزن رأس الصاروخ الحربي المفجر يبلغ 400 كيلوغرام. وهذه الصواريخ تحتاج الى قواعد لإطلاقها، ما يعني أنها قد تكون مكشوفة أمام الطائرات الحربية الإسرائيلية، لذا، لن يكون "حزب الله" قادراً في أي معركة محتملة على استخدامها إذا كانت في حوزته، وهو يفضل الحصول على صواريخ أقل حجماً وفاعلة، تكون لديه قدرة على تحريكها سريعاً وفقاً لمقتضيات المعركة. من هنا فان ما كان يميز الحزب في السابق هو أن سلاحه وبنيته القتالية غير مرئيين، وبالتالي كان يمتلك القدرة على المباغتة والقتال من دون أن يعرف الاحتلال الاسرائيلي عناصر قوته وتجهيزاته وعتاده. أما اليوم، فإنه يجاهر بالقدرة على ضرب مفاعل ديمونا في عمق الأراضي المحتلة، ويكشف علناً عن امتلاكه صواريخ كبيرة، علماً أنه لا يستطيع أن يحركها خلال القتال بحكم سيطرة اسرائيل على الجو، وبالتالي سيكون الأمر نقطة ضعف وليس قوة تحت عنصر المفاجأة.
ويبدو أن نقطة الضعف الثانية في المواجهة ترتبط بالوضع اللبناني الداخلي في ظل الانقسام السياسي والصراع الطائفي في المنطقة ولبنان. ففي الفترة السابقة كان مفهوماً أن "حزب الله" استمر في ساحته في الجنوب متسلحاً بخصائصها، لكن، وهو يدفع بالآلاف من مقاتليه الى ساحة أخرى اليوم، أي الساحة السورية، يفقد هذه الخاصية، ويفقد معها ايضاً جزءاً من ساحته، في الداخل اللبناني الذي لم يعد كله ساحة للحزب، بعدما فقد قسماً كبيراً من غطائه الذي استند اليه سنوات طويلة. ولا يخفى أن انتشار آلاف المقاتلين من النخبة والمتطوعين والأنصار يرتب كلفة كبيرة وتجهيزات ومتابعة وتأمينات لوجستية وغيرها مما تفرضها عمليات ساحة القتال، اضافة الى الاستنفار في القرى القريبة من الحدود السورية، والتبديل، ما أفرغ قرى كثيرة لبنانية من شبابها انتقلوا للقتال في سوريا. وهذا الأمر يظهر المزيد من القلق والخوف من مستقبل أي مواجهة في الداخل اللبناني.
هل تفتح التهديدات وتطوراتها على احتمالات تصعيد وحرب في الجنوب؟ يستبعد السياسي اللبناني الأمر في هذه المرحلة، إذ إن الأجواء لا تشير الى تطورات من هذا النوع، خصوصاً أن الحزب ليس في صدد تنفيذ عمليات، إلا في حال حصول هجمات تستهدفه مباشرة، وأولويته تبقى اليوم في سوريا. لكنه لا يستبعد تطورات قد تعجّل في المعركة، وهو ما سيدفع "حزب الله" الى الرد، ليس من الجنوب فحسب، بل من جبهة الجولان أيضاً، علماً أن تجربته هناك لإنشاء مقاومة في المنطقة كقاعدة شبيهة بالجنوب، لم تنجح من دون أن تكون قد باءت بالفشل، خصوصاً أن الساحة ليست ساحته ولا جمهوره ولا هو يستطيع أن يقاتل خارج منزله، إذا جاز التعبير، الى ما لا نهاية.