الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اتفاق تركي ـ روسي حول إدلب: دوريات مشتركة ومراكز تنسيق على طريق "إم 4" الدولي

اتفاق تركي ـ روسي حول إدلب: دوريات مشتركة ومراكز تنسيق على طريق "إم 4" الدولي

15.03.2020
هبة محمد



القدس العربي
السبت 14/3/2020
دمشق – "القدس العربي": توصلت تركيا مع روسيا إلى نص اتفاق يتعلق بوقف إطلاق النار في محافظة إدلب – شمالي سوريا، وتشمل البنود نقاطاً عدة حسب وزارة الدفاع التركية، أبرزها تسيير دوريات مشتركة على الطريق الدولي- إم 4، وتشكيل مراكز تنسيق مشتركة لإدارة العمليات المشتركة بين الجانبين، في حين أبدت أنقرة موقفاً حازماً بخصوص الأسلحة الثقيلة لجيشها، مؤكدة بأن سحب هذه الأسلحة من نقاط المراقبة أمر غير وارد.
وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أشار من جانبه إلى أن الاتفاق دخل حيز التنفيذ، مشيراً الى أن أولى خطواته هي تنظيم دورية مشتركة على طريق إم 4 بتاريخ 15 آذار/مارس الجاري، معتبراً أن هذه الدوريات ستساهم في ترسيخ دائم لوقف إطلاق النار.
التوصل لاتفاق بين تركيا وروسيا بخصوص إدلب، جاء بعد أشهر طويلة من المعارك العنيفة التي خاضتها موسكو ضد المعارضة السورية المسلحة في آخر مواقع خفض التصعيد في سوريا، حملة أدت إلى سيطرة النظام السوري وداعميه على آلاف الكيلومترات من قبضة المعارضة، وكذلك السيطرة على مدن ومواقع استراتيجية كسراقب ومعرة النعمان وكفرنبل في ريف محافظة إدلب.
كما شهدت المرحلة الماضية، لقاءات فاشلة بين الوفود التركية والروسية، في حين دخل الجيش التركي أرض المعارك ضد النظام السوري دعماً للمعارضة السورية في مراحل عدة، لتنتهي بوادر تلك الأزمة بعد لقاء الرئيسين التركي والروسي في موسكو، فيما يبدو أن هذا الاجتماع الذي حصل في الخامس من آذار/مارس الحالي، شكل الخطوة الأولى في عودة التقارب بين الجانبين في سوريا بعد مرحلة وصفت بـ"عض الأصابع".
 
اتفاق
 
الاتفاق الأخير، جاء بعد أربعة أيام من مفاوضات مكوكية ومستمرة في العاصمة التركية – أنقرة، كما أشار وزير الدفاع التركي "أكار"، إلى أنه سيتم إنشاء مراكز تنسيق مشتركة مع روسيا ليتم من خلالها إدارة العمليات المشتركة في إدلب، مشيرا إلى مواقف بناءة من قبل روسيا فيما يخص جعل وقف إطلاق النار دائماً في إدلب.
أما وزارة الدفاع التركية، فقد أكدت وفق – الأناضول – أن نقاط المراقبة التابعة لها في إدلب تواصل مهامها، وأن سحب الأسلحة الثقيلة منها غير وارد.
فيما قالت المديرة العامة لقسم العلاقات العامة والصحافة في وزارة الدفاع التركية، العقيدة نديدة أقطوب، في مؤتمر صحافي: هجمات النظام السوري على منطقة إدلب أسفرت عن مأساة إنسانية كبيرة، حيث بلغ عدد المهجرين من ديارهم اعتباراً من / أيار/مايو الماضي، أكثر من مليون شخص، وأن حوالي 280 ألفاً منهم نزحوا باتجاه منطقتي درع الفرات، وغصن الزيتون.
وأشارت إلى أن الجيش التركي يبذل أقصى طاقته في سبيل وقف نزيف الدماء في إدلب، وإحلال السلام في المنطقة، وعودة حوالي مليون نازح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى ديارهم بشكل طوعي. روسيا، الطرف المتهم من قبل السوريين بنكث العهود فيما يخص آخر مناطق خفض التصعيد في الشمال السوري، لم يصدر عنها أي تصريحات رسمية حول الاتفاق الأخير.
ونقل موقع "نداء سوريا" عن مصادر عسكرية خاصة، تأكيد الأخيرة، أن الاتفاق بين أنقرة وموسكو لا يتضمن نشر نقاط مراقبة للجيش الروسي في المنطقة الجنوبي من الطريق الدولي- إم 4، وإنما يقتصر الحدث لدى الجانب الروسي بتسيير دوريات مشتركة مع الجيش التركي على الطريق الدولي. ووفق المصدر، فإن اللجان التركية – الروسية، اتفقت على تسيير دوريات مشتركة بين بلدة ترنبة قرب سراقب ومدينة أريحا بمحافظة إدلب، اعتباراً من الخامس عشر من شهر أذار/ مارس الحالي.
الاتفاق وديمومته أو نقضه رهن قضيتين هامتين من وجهة نظر الباحث المختص في مركز جسور للدراسات عرابي عرابي، وهذه القضايا عنوانها "الحفاظ على وقف إطلاق النار"، إضافة إلى عودة اللاجئين وعدم التسبب بموجة نزوح جديدة.
وتشير المعلومات الأولية إلى أن الدوريات المسيّرة بين الطرفين لن تشمل كامل طريق M4 إلا أنها ستمتد من بلدة الترنبة إلى مدينة أريحا مبدئيًّا، كما أنها لن تقيم نقاط مراقبة جنوب الطريق، الأمر الذي يبعث على الطمأنينة لدى مناطق جبل الزاوية وبقية المناطق، وتسمح لقاطني هذه القرى بالعودة إلى منازلهم.
قضية اللاجئين مؤشر لديمومة الاتفاق مما يرجّح أن يكون هناك بندٌ يقضي بانسحاب النظام إلى ما وراء النقاط التركية وجعل المنطقة بين سراقب وجنوب جبل الزاوية وطول النقاط التركية منطقة عازلة تسيّرها الشرطة العسكرية الروسية والتركيّة دون دخول الفصائل أو النظام. من ناحية أخرى فإن تفاصيل الاتفاق، وفق ما قاله الباحث "عرابي" لـ "القدس العربي"، لم تعلَن بعد لتوضيح النقاط التفصيلية حول مسافات الدوريات المشتركة على طريق M5 وتوزيع مراكز التنسيق بين الطرفين.
 
محاولة حرق وقف إطلاق النار
 
وبخصوص الطرف الإيراني، يقول الباحث السوري: أشارت تصريحات أمس من قبل الرئيس التركي إلى وجود مجموعات تحاول خرق وقف إطلاق النار من قبل النظام، وبطبيعة الحال وبحسب التحشيدات على الأرض، فإن تلك المجموعات تتبع للميليشيات الإيرانيّة وحزب الله. وإذا ما حاولت هذه المجموعات اقتحام بلدات استراتيجية في الشمال السوري فإنه من المرجح أن الجيش التركي سوف يستهدفها، كما أن ذلك قد يدفع الاتفاق برمته للانهيار وبذلك تستمر الفصائل في أعمالها العسكرية. المرصد السوري لحقوق الإنسان، ذكر من جانبه، أن الجيش التركي استقدم رتلاً عسكرياً جديداً إلى الداخل السوري مع اقتراب الموعد المخصص لبدء تسيير الدوريات التركية – الروسية المشتركة على الطريق الدولي الرابط بين اللاذقية وحلب، ويتألف الرتل الجديد من نحو 50 آلية من مدرعات ودبابات وسيارات تخزين وقود، ومع استمرار تدفق الأرتال التركية، فإن عدد الآليات التي دخلت الأراضي السورية منذ بدء وقف إطلاق النار الجديد بلغ 870 آلية، بالإضافة لمئات الجنود.
وبذلك، يرتفع عدد الشاحنات والآليات العسكرية التي وصلت منطقة "خفض التصعيد" خلال الفترة الممتدة من الثاني من شهر فبراير- شباط الماضي وحتى الآن، إلى أكثر من 4270 شاحنة وآلية عسكرية تركية دخلت الأراضي السورية، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال تلك الفترة أكثر 9250 جندياً تركياً.