الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اتفاق إدلب: تراجع احتمالات التصعيد بعد تنسيق المصالح بين الفاعلين الدوليين

اتفاق إدلب: تراجع احتمالات التصعيد بعد تنسيق المصالح بين الفاعلين الدوليين

14.03.2020
هبة محمد




القدس العربي
الخميس 12/3/2020
دمشق – "القدس العربي": ينتظر إدلب شمال غربي سوريا استكمال تطبيق البروتوكول الذي وقع عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي بوتين الأسبوع الفائت، بعدما انتقل من مرحلة الخطوط العريضة إلى إسقاط القضايا التفصيلية، وهو ما يوضح مضمون الاتفاق بشأن إدلب، لا سيما بعد اجتماع وفدي البلدين العسكريين، في إطار التفاهم الأخير، وتعميم وقف العمليات العسكرية في المنطقة، بما يوقف استهداف المدن والقرى المكتظة بالسكان، شمالاً، ويحفظ مصالح كل من روسيا وتركيا، وأهمها فتح الطرقات الدولية التي تحفظ بدورها دور أنقرة شمالاً كما يعتبر بمثابة شرايين اقتصادية دأبت موسكو وراء إعادة إحيائها في المنطقة. وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، قال الأربعاء إن بلاده تخطط من أجل البدء بتسيير دوريات مشتركة مع روسيا على الطريق الدولي "إم 4" لافتاً إلى أن اللقاءات المتبادلة مع الوفد العسكري الروسي تتواصل بشكل بناء وإيجابي، معتبراً أن الوضع الحالي في منطقة إدلب شمال غربي سوريا، هادئ عقب توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين أنقرة وموسكو. وأعرب المسؤول التركي عن أمنياته بتحقيق وقف إطلاق نار دائم في إدلب، وتحقيق أجواء الاستقرار والأمن هناك لتأمين عودة المدنيين السوريين إلى ديارهم بشكل طوعي.
ودعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موسكو من أجل ضبط التحركات العسكرية لقوات النظام السوري، وقال "إن هناك خروقات بسيطة لاتفاق وقف إطلاق النار في منطقة إدلب، من قِبل النظام السوري وداعميه من الميليشيات الطائفية"، داعياً روسيا إلى اتخاذ التدابير اللازمة مع النظام السوري لوقفها.
وأضاف في كلمة خلال مشاركته في اجتماع الكتلة النيابية لحزب "العدالة والتنمية" في مقر البرلمان التركي في العاصمة أنقرة أمس الأربعاء "منذ الآن بدأ خرق وقف إطلاق النار في إدلب ولو بشكل بسيط، وننتظر من روسيا اتخاذ التدابير اللازمة حيال هذا الأمر، مشيراً إلى ان موافقته على وقف إطلاق النار المؤقت ليست بسبب عجز بلاده عن مواجهة النظام السوري والتنظيمات الإرهابية، بل لرغبتها في إيجاد حل لأزمة إدلب يمكن قبوله من الأطراف كافة، وأوضح أن تركيا لن تكتفي بالرد المماثل على أصغر هجوم قد تتعرض له نقاط المراقبة التركية في سوريا، بل سترد بقوة أكبر.
وتابع الرئيس التركي القول: "نراقب عن كثب عمليات تحشيد قوات النظام السوري وداعميه من الميليشيات قرب خط وقف إطلاق النار، وسنوجه لهم ضربات قاسية حال مخالفتهم لوعودهم"، لافتاً إلى أن مدى التزام النظام السوري وداعميه من الميليشيات الطائفية باتفاق وقف إطلاق النار "ليس معلوماً".
وأشار اردوغان إلى أن العمليات التي أجرتها تركيا في إدلب بشكل فعلي طيلة شهر كامل وعملية "درع الربيع" التي أطلقتها هناك، كلها تعكس عزم أنقرة على منع التهديدات القائمة على الحدود التركية، مؤكداً أن أمن نقاط المراقبة التركية الموجودة في إدلب تأتي في مقدمة أولويات تركيا، وأن أنقرة تعمل حالياً على جعل وقف إطلاق النار في إدلب دائماً. ولفت إلى أن تركيا لا تنوي احتلال الأراضي السورية ولا مواجهة القوى الموجودة في المنطقة، بل تسعى لحماية الحدود التركية وحماية حياة ملايين الأشخاص في إدلب.
واستطرد قائلاً: "عازمون على إبعاد التنظيمات الإرهابية وقوات النظام الأسدي الطائفي عن حدودنا الجنوبية، والأسد الذي يقتل الأطفال والمدنيين تلقى درساً قوياً في عملية درع الربيع ورأى بعينه قوة جيشنا" ولفت الرئيس التركي أن تركيا بدأت بإنشاء منازل صغيرة في القسم الشمالي لمحافظة إدلب؛ بغية إيواء النازحين وتحسين ظروفهم المعيشية. ويمكن الوقوف على نقاط عدة مهمة في ضوء التصريحات التركية، وخاصة التي تشير إلى فتح الطريق الدولية حلب – اللاذقية الذي يرمز له بـ"إم 4" حيث قال وزير الخارجية التركي أول أمس ان شمال الطريق سيكون تحت الرقابة التركية، أما جنوبه سيخضع للرقابة الروسية، وتشير تلك التصريحات التركية بحسب الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي إلى أن تفاهم وقف إطلاق النار الذي وقع عليه الرئيس التركي أردوغان مع نظيره الروسي بوتين، بدأ ينتقل من النصوص الفضفاضة إلى التنفيذ، لافتاً إلى ان التفاهم يحفظ جانباً مهماً من مصالح كل من روسيا وتركيا، حيث ستضمن روسيا من خلاله فتح الطرقات الدولية، كما أن تركيا ستحافظ على حضورها ومراقبة عمل هذه الطرقات.
التفاهم الروسي – التركي، حسب قراءة المتحدث لـ"القدس العربي" سيُبعد شبح استهداف المناطق المكتظة بالسكان قرب الحدود التركية، بالتالي سيجنب تركيا موجات نزوح جديدة قد تربك المشهد الداخلي التركي بشكل كبير، كما أن الحضور العسكري التركي شمال طريق "إم 4"، والذي أصبح يتخذ شكل خط تماس طويل سيتيح لتركيا إيقاف تمدد قوات النظام السوري إلى تلك المناطق. وأضاف عاصي "لا تزال تركيا تبحث عن مستند قانوني للحفاظ على وجود طويل الأمد في سوريا، وهذا غير متاحٍ إلا عن طريق قرار أممي، أو من خلال تفاهمات مباشرة مع الروس يتم إرغام النظام السوري على قبولها" إذ تقوم الاستراتيجية التركية في سوريا على مواجهة المخاطر التي تهدد الأمن القومي التركي في شرق الفرات، بالإضافة إلى إيجاد حل يحافظ على المصالح الاقتصادية والأمنية التركية في منطقة إدلب، ولذلك تسعى دائماً للمناورة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
ورغم تكشف بعض التفاصيل، إلا ان التفاهم التركي – الروسي بحسب المتحدث لا تزال نقاطه ضبابية، ولكن على ما يبدو من تصريحات وزير الخارجية التركي فإنّ المعارضة ستنسحب من المنطقة الواقعة جنوب الطريق "أم 4" إذ أنّ هذه المناطق سوف تكون تحت الإدارة الروسية. إلا أنّ من غير المعلوم بعد الكيفية التي سيتم فيها نقل السيطرة إلى الروس في تلك المناطق. ولم توضح تصريحات وزير الخارجية، ولا أي تصريحات تركية أو روسية أخرى، مصير نقاط المراقبة التركية المحاصرة القريبة من الطريق الدولي "إم 5".