الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إيران وإسرائيل.. وأغبياء العرب

إيران وإسرائيل.. وأغبياء العرب

16.01.2019
محمد عايش


القدس العربي
الثلاثاء 15/1/2019
فكرة أن مواجهة إيران تستلزم بالضرورة التحالف مع إسرائيل والتطبيع معها ليست سوى فكرة إسرائيلية بامتياز، ولا تخدم سوى أجندة الاحتلال الذي يستثمر كل الأحداث في المنطقة والعالم لصالحه، وآخر نجاحاته في هذا المجال هو استثماره للتوتر الطائفي الذي يغزو المنطقة العربية منذ سنوات، وموجة التحريض العربي ضد إيران الذي أنفقت عليها بعض دول الخليج الملايين وربما المليارات من الدولارات.
هذه الفكرة الإسرائيلية لا يمكن أن تنطلي إلا على الأغبياء في العالم العربي، الذين يعتقدون أن الحرب مع إيران تستدعي بالضرورة السلام مع إسرائيل والتطبيع مع تل أبيب، والحقيقة أن الحرب مع إيران أصلاً ليست ضرورة، وإنما هي لزوم ما لا يلزم في هذه المنطقة. وحتى لو افترضنا جدلاً أن هذه الحرب ضرورة فلا فائدة ولا جدوى من الارتماء في الحضن الاسرائيلي من أجل مواجهة إيران.. إذ لو كانت اسرائيل يُمكن أن تُحارب بالنيابة عن أحد لفعلت ذلك في لبنان، لكنها لم تتخلَ فقط عن حلفائها هناك، بل تخلت أيضاً عن عملائها في ميليشيا أنطوان لحد ولم تقدم لهم الحماية أو الرعاية.
حلّ الصراعات في المنطقة العربية لا يمكن أن يكون بالتحالف مع إسرائيل أو التطبيع معها
الصراعات في المنطقة العربية لا يمكن أن يكون حلّها بالتحالف مع إسرائيل أو التطبيع معها، وإسرائيل إما أن تُعمق هذه الصراعات وتؤثر فيها سلباً، أو أن لا تكون مؤثرة فيها، أما أن يكون لها تأثير إيجابي فهذا غير وارد مطلقاً. وأغلب الظن أن الحكام العرب والساسة في العالم العربي يُدركون هذه الحقيقة لكنهم يزحفون نحو تل أبيب ويلهثون من أجل إرضائها، بسبب أنهم غير منتخبين ولا يتمتعون بأي شرعية شعبية في بلادهم، ولذلك فإنهم يبحثون عن الرضا الإسرائيلي والدعم الأمريكي ليس أكثر. أما آخر فضائح الارتماء العربي في الحضن الإسرائيلي فهو مؤتمر انعقد سراً في مدينة القدس المحتلة بمشاركة أكاديميين وباحثين وسياسيين عرب وأكراد في مدينة القدس المحتلة، بدعوة من مركز بحثي إسرائيلي، أما الموضوع فهو "خيار الكونفدراليات في الشرق الأوسط لمواجهة الخطر التركي والإيراني". وحسبما تسرب في الإعلام الاسرائيلي فإن المؤتمر بحث فكرة "كونفدرالية تجمع الأردن واسرائيل" وأخرى تجمع "العراق وسوريا"، والهدف المعلن لهذه الأفكار بطبيعة الحال هو التصدي لايران وتركيا! ومن بين المشاركين في المؤتمر الفضيحة معارض سوري معروف لطالما تمترس على شاشات الفضائيات العربية يلقي الخطب والمحاضرات والدروس عن الثورة ووجوب الإطاحة بالأنظمة المستبدة والقمعية. إسرائيل تستثمر التوتر الطائفي في المنطقة العربية، وهي المستفيد الرئيس من حالة التحريض والتحشيد ضد إيران والمستمرة في العالم العربي منذ عدة سنوات، وهي التي تروج الفكرة التي تلقى رواجاً لدى جمهور عريض من الأغبياء العرب، التي تقول بأن "إيران أكثر عداء من إسرائيل"، وكأن على العرب أن يختاروا عدواً واحداً لا ثاني له، وهنا فإن الاختيار يجب أن يكون إيران وليس اسرائيل.
خلال سنوات التحريض والتحشيد ضد إيران في العالم العربي، فإن رئيس الوزراء الاسرائيلي زار إحدى عواصم الخليج، ووزيرين اسرائيليين زارا عاصمة خليجية أخرى خلال شهر واحد، وفريقاً رياضياً زار عاصمة خليجية أخرى، ومسؤولاً رفيعاً في دولة خليجية رابعة زار تل أبيب.. وبين هذه الحوادث وتلك فإن الإسفاف والاستهبال العربي يردد بين الحين والآخر مقولة (إيران أخطر من إسرائيل) وهل -لو سلَّمنا بصحة هذه المقولة الغبية – يتوجب علينا الزحف نحو التطبيع المجاني مع اسرائيل؟ وخلاصة الكلام، هو أن اسرائيل هي أكبر المستفيدين من موجة التحريض الطائفي المسعورة التي يشهدها العالم العربي منذ سنوات، وهي أكبر المستفيدين من الحروب غير المباشرة الفاشلة التي يخوضها العرب ضد إيران وحلفائها، وهي التي تجد من المطبلين والأغبياء في العالم العربي من يُسارع الى الارتماء نحو التطبيع بحجة أنه يحارب إيران، وكأن التطبيع مع إسرائيل مفيد في الحرب ضد إيران.
كاتب فلسطيني