الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إيران: مؤشّرات مُقلقة من واشنطن 

إيران: مؤشّرات مُقلقة من واشنطن 

02.02.2021
علي حماده



النهار 
الاثنين 1/2/2021 
تتلاحق مؤشرات مقلقة من واشنطن، لناحية التعيينات الجديدة التي يقدم عليها الرئيس جو بادين لفريق السياسة الخارجية، لا سيما المتعلقة بالشرق الأوسط، فتعيين رئيس "مجموعة الأزمات الدولية" روبرت مالي مبعوثاً الى إيران، ليرأس فريقاً في الإدارة الجديدة مهمته متابعة ملف ايران على مخلتف الصعد، هو خبر سيّئ لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، خصوصاً أن مالي سبق أن خدم في فريق مجلس الأمن القومي أيام إدارة الرئيس باراك أوباما لمتابعة ملف التفاوض مع إيران وصولاً الى التوقيع على الاتفاق النووي سنة 2015، واعتبر من الجناح الذي أيد الاتفاق النووي المملوء بالنواقص، من دون التشاور مع الحلفاء العرب، وإسرائيل، وعلى حساب أمن الحلفاء القومي.  
قد تجلى انتصار خيارات هذا الفريق الذي كان يعمل على الاتفاق مع ايران، تحت إشراف كل من الرئيس أوباما، ووزير خارجيته جون كيلي الذي اشتهر بانحيازه الى فكرة التقارب مع إيران، وعلى حساب مصالح الحلفاء التاريخيين في المنطقة. ويعتبر روبرت مالي من داعمي العودة الآلية الى الاتفاق النووي، ومن ثم التفاوض على الملفات التي استجدت على الأجندة الأميركية والدولية. وهو لا يؤيد عودة مشروطة بتوسيع الاتفاق، وإنْ كان يسلّم بأن ثمة حاجة لمعالجة مخاوف الحلفاء الإقليميين.  
وفي كل الحالات فما من شك أن انحياز روبرت مالي الظاهر في كتاباته على مدى السنوات لتحسين العلاقات الأميركية مع نظام بشار الأسد ليس سراً على المتابعين، مثلما هو ميله الى تفضيل العودة الى خيارات أوباما السابقة بالنسبة الى إيران. من هنا يمكن اعتبار تعيين روبرت مالي خبراً سيئاً جداً، يضاف الى خبر تعيين السفير السابق لدى قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بريت ماكغورك منسقاً للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي. وكذلك، تعيين السفير السابق جيفري فيلتمان مبعوثاً خاصاً لسوريا، وهو صاحب نظرية صدرت في مقال كتبه قبل عام يعتبر فيه أن من المناسب تقديم حوافز لنظام بشار الأسد تقضي بتخفيف العقوبات لقاء تنازلات يقدمها النظام في الحل السياسي. كل هذه مؤشرات الى أن "طيف" الرئيس الأسبق باراك أوباما يعود بقوة الى إدارة الرئيس بايدن، وأن المخاوف من أن يكون أوباما هو الرئيس الحقيقي للولايات المتحدة قد تتحقق، تحديداً في ما يتعلق بالسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وذلك على الرغم من التصعيد الإعلامي الإيراني ضد واشنطن، حيث لا يعدو الأمر كونه مجرد مواقف استهلاكية في الداخل الإيراني. فالمسار الذي بدأت إدارة بايدن تتخذه في ما يتعلق بإيران مثير للقلق، على الرغم من المواقف التي يدلي بها وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي يشكك في إمكان العودة القريبة إلى الاتفاق، كما أنه يتحدث عن صعوبات كبيرة تعترض إمكان العودة، فضلاً عن إعلانه أنه قد يفضل الإبقاء على العقوبات الأميركية، ويعلن أن الولايات المتحدة سوف تتشاور مع حلفائها في المنطقة في ما يتعلق بالملف الإيراني، والعودة الى الاتفاق النووي.  
ثمة مخاوف أخرى لا بد من إيرادها هنا، وتتعلق بوجود حملة "تسويق" أميركية من الإدارة الحالية، وأوروبية تقودها فرنسا، تحذر من قرب حيازة إيران القنبلة النووية، بما يدفع الى الإسراع في التفاوض معها، والعودة إلى الاتفاق الذي يعيدها الى التزاماتها السابقة. فقد قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أيام ما معناه أن التفاوض مع إيران سيكون صارماً جداً، وأن الوقت المتبقي لمنعها من حيازة السلاح النووي قصير جداً وقد يكون في هذا التحذير الفرنسي المنسق ربما مع إدارة بايدن، ما يشبه التسويق غير المباشر، للعودة السريعة والتلقائية الى الاتفاق النووي، وترك الملفات الأخرى العالقة، مثل السقوف الزمنية، وبرنامج الصواريخ الباليستية، والسياسة الإيرانية التوسعية المزعزعة للاستقرار في المنطقة، لمرحلة تتبع العودة على قاعدة أن إطالة أمد الخلاف على الأولويات يبقي إيران في حلٍّ من التزاماتها، ويقربها أكثر من القنبلة النووية. 
 إن في الموقف الذي يعبر عنه الرئيس الفرنسي ثغرة أساسية، وهي أنه عندما يعتبر أنه يتعين تجنب خطأ عام 2015 عندما استبعدت القوى الإقليمية عن الاتفاق النووي مع إيران، وأنه يجب ضم السعودية الى مفاوضات بشأن الاتفاق مع إيران، فإنه يبدو كأنه يستعجل الفصل بين العودة الأميركية التلقائية الى الاتفاق، والتفاوض على ملحقات للاتفاق لاحقاً. فهل أن ايران في وارد التفاوض على الملحقات التي باتت معروفة؟ هنا السؤال الكبير، لا سيما أننا في مرحلة خطرة جداً في المنطقة، ويمكن أن تبلغ الذروة مع حلول الربيع، وتعاظم احتمالات نشوب حرب غير محسوبة!