الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إيران تخطط للثأر من قتلة سليماني في سوريا وإسرائيل

إيران تخطط للثأر من قتلة سليماني في سوريا وإسرائيل

06.01.2020
مشرق ريسان



القدس العربي
الاحد 5/1/2020
بغداد-“القدس العربي”: رجّح مراقبون للشأن السياسي الإيراني، أن تعمدّ طهران إلى التأني في ردّها “المؤكد” تجاه المصالح الأمريكية في المنطقة، على خلفية اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وفيما تشير التوقعات إلى إن الردّ لن يكون في العراق، بسبب جهود ووساطات لـ”ضبطّ النفس” والتهدئة، يرجّح أن يكون الثأر الإيراني في إسرائيل.
الباحث والأكاديمي الدكتور هشام الكندي، يقول لـ”القدس العربي” إن “قاسم سليماني كان معروفاً لدى الأمريكان بأنه يمثل خطاً أحمر إيرانياً في التعامل وقواعد الاشتباك بين البلدين” مبيناً إن “اغتيال قاسم سليماني خطأ كبير ارتكبته إدارة ترامب تحديداً، وهذا سيسبب للولايات المتحدة مشكلات كبيرة، حسب قول ساسة أمريكان، من بينهم رئيسة الكونغرس ومرشحة الرئاسة ونواب في الحزب الجمهوري”.
وأضاف: “مقتل سليماني يمثل إعلان حالة حرب على إيران، بكون إن أمريكا اغتالت مواطنا إيرانيا بهذه الدرجة الرفيعة، بالإضافة إلى إن اغتيال سليماني جاء وهو ضيف على العراق ويقدم خدمة للعراق بصفة رسمية، كونه مستشار الحكومة العراقية لمحاربة الإرهاب”.
وأشار إلى إن “إيران اليوم أمام تحديين لسمعتها أولاً، وأيضاً أمام آخر يتمثل في رمزية سليماني الكبيرة في محور المقاومة والممانعة، الذي تحرص إيران على إدامته ووجوده، كونها هي من تقود هذا المحور” لافتاً إلى إن “سليماني ليس قائداً فقط بل رمزاً للمقاومة والمقاومين، وله دور كبير جداً في هزيمة الإرهاب في العراق وأيضاً في سوريا. والموقف الرسمي يؤكد ذلك”.
وتابع: “ليس أمام إيران إلا الردّ” منوهاً إلى أن “الردّ الإيراني المعتاد هو غير متوقع وغير انفعالي. الأمريكان يعرفون ذلك جيداً، وهذا ما كان واضحاً من خلال إرسال واشنطن موفداً عربياً (من سلطنة عُمان) إلى طهران وعرضوا عليهم رفع العقوبات ومزيدا من المغريات في مقابل ترك طهران الردّ”.
وأكمل: “الأمريكيون يدركون ما هو الردّ الإيراني، الذي سيكون في ظروف عام انتخابي. لنا أن نتخيل ضربة إيرانية بشرعية الردّ على استهداف سليماني ستكون نهاية حلم ترامب في العودة إلى البيت الأبيض لولاية ثانية. هذا الأمر مُدرك أمريكياً والإيرانيون يعرفونه جيداً وسيعملون عليه” موضّحاً إنه “مهما كان الرد فسيكون بالتأكيد ليفشل عودة ترامب إلى البيت الأبيض لمرّة ثانية”.
أكذوبة أمريكا
ووفق الكندي فإن “الردّ الإيراني، سيكون عبر استهداف إيران واحدة من المصالح الأمريكية في كل المنطقة باستثناء العراق” عازياً السبب في ذلك إلى إن “إيران لن تقوم بتصديق أكذوبة أمريكا التي تقول بأن طهران تستغل بغداد لتصفية حساباتها مع واشنطن، كما يروج الأمريكان”.
ومضى قائلاً: “إيران تُدرك إن أمريكا أضعف من أن تدخل في مواجهة مباشرة معها. تجربة إسقاط طائرة التجسس في 10حزيران/يونيو 2019 بكلفة ربع مليون دولار، هي خير دليل على ذلك، كما إن ترامب قال قبل نحو أسبوع بأنه لا يسعى إلى الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران” مشيراً إلى إن “إيران لديها استطلاعات على القواعد الأمريكية في أفغانستان في دول الخليج (تضم 36 قاعدة). وطهران أعلنت إن تلك القواعد في مرمى نيرانها، كما إن لدى إيران معلومات عن حاملات الطائرات والبوارج المنتشرة في المياه الدولية في الخليج وبحر عُمان”.
وحسب المحلل السياسي العراقي فإن “إيران لن تُقدم على ضرب قاعدة أمريكية في الخليج، إن لم تنطلق منها طائرات أو صواريخ للاعتداء على إيران” موضحاً إن “الأهداف المكشوفة بالنسبة لإيران هي الأهداف البحرية المنتشرة في الخليج وفي بحر العرب. واستهدافها سيكون عملا ضد عسكريين وليس مدنيين، ولن يكون هناك تداخل مع بقية الدول حتى وإن كانت تضم قواعد أمريكية في بلدانها، وهذا ما تريده إيران”.
وزاد بالقول: “إيران تمتلك بنكاً من المعلومات لأهداف من الممكن إسقاطها. هي أعلنت على لسان قائد الحرس الثوري إن لديها أكثر من 800 هدف تحت مرمى صواريخها” مرجّحاً “إمكانية أن تستهدف إيران القواعد الأمريكية في سوريا، لكن الضربة الأكثر ضرراً والأكبر توقعاً ستكون نحو إسرائيل”.
وختم قائلاً: “الردّ لن يخرج عما قاله المرشد الأعلى الإيراني بأنه سيكون ردّاً حاسماً وحازماً وقوياً ورادعاً للأمريكان، وأضاف بأنه سيكون سريعاً”.
المواجهة المباشرة
ويرى تحليل آخر لخطوات الردّ الإيراني لـ”الثأر” من الأمريكان على مقتل سليماني، لن تكون على مستوى “المواجهة المباشرة” بل إن طهران ستعمل على تغيير مسار الشارع العراقي من “رافضٍ” لوجودها وتدخلها في العراق إلى اتجاه آخر مؤيد للجمهورية الإسلامية، من خلال “الأمن السيبراني” بعكس خطوات “أشد” في دول في المنطقة تُمثل عُمقاً مهماً واستراتيجياً لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
في هذا الشأن، يقول الباحث والأكاديمي العراقي الدكتور حيدر البرزنجي، لـ”القدس العربي” إن “الأمريكان بدأوا بالدخول في حرب مباشرة مع إيران. كان للأمريكان أذرع مثل القاعدة وداعش، لكن المواجهة اليوم بدأت تأخذ صورة أخرى تتمثل بالتدخل المباشر” مبيناً إن “إيران سترد على مقتل سليماني، لكن وسائل الردّ وأدواته تبقى مفتوحة لديهم، خصوصاً في ظل وجود ميدان واسع وخيارات متعددة لدى طهران للردّ”.
وأضاف: “الوضع في اليمن أكثر استقراراً، والوضع في لبنان غير جاهز للرد، بسبب الداخل المتأزم، في حين الساحة في العراق واليمن أكثر انفراجاً وانفتاحاً” موضحاً إن “حادثة أرامكو أخذت صدى كبيرا من دون الإثبات رسمياً بأن إيران هي من قامت بهذا الفعل، لهذا فمن المرجّح أن يتم استهداف قواعد خليجية أو مصالح اقتصادية في كل أنحاء العالم- خصوصاً في الدول الإقليمية- من دون أن تشير إيران لنفسها أو ربما قد ُتشير”.
وأكمل: “الردّ الإيراني حتمي وحازم، لكنه لن يكون في هذه الفترة. الإيرانيون يحتاجون وقتاً للترتيب والتكتيك للردّ، حتى تكون الضربة قوية بحجم قاسم سليماني” منوهاً إلى أن “التهديد الأمريكي لقادة الفصائل المسلحة في العراق، لا يختلف عن التهديدات التي تطال قادة حركة حماس، وزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله”.
وأكد البرزنجي إن “الدعم الإيراني لفصائل المقاومة الإسلامية في العراق سيبقى مستمراً” لافتاً في الوقت عينه إلى إن “الاستراتيجية الإيرانية ستختلف. في الفترة الماضية كانت تهدف إلى التدخل للاستشارة والمعونة العسكرية في موضوع داعش، وأهملت الجانب الثقافي، الأمر الذي فتح ساحة كبيرة للأمريكان في تجهيز جيوش إلكترونية من الشباب العراقي حتى جعلوهم عملاء في بعض الحالات، وهيأوا المجتمع ثقافياً لرفض إيران، وهذا ما يبدو واضحاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، والهجمة التي يتعرض لها أي شخص يترحم لسليماني”.
ومضى قائلاً: “الاستراتيجية الإيرانية الجديدة ستعتمد على الأمن السيبراني، بكون إن كلاً من واشنطن وطهران، لا تريدان الخوض في حرب مباشرة”.
لكن الخبير العسكري أحمد الشريفي يرى أن الردّ الإيراني على مقتل سليماني “لن يكون في العراق” مستبعداً أيّ تصعيد من قبل الفصائل الشيعية المسلحة الموالية لإيران تجاه القواعد والمصالح الأمريكية في العراق.
ويضيف الشريفي لـ”القدس العربي” إنه “ستكون هناك عمليات تهدئة وضبط نفس، بسبب إن العمليات المتبادلة رفعت من منسوب التهديد والتحدي إلى مستوى عالٍ جداً” مبيناً إنه “خلال هذه الفترة سيكون هناك هدوء من الطرفين، وإذا كان هناك ردّ فإنه سيكون إقليمياً”.
واستبعد أن “تردّ إيران على واشنطن في داخل العراق، نظراً لخصوصية الأوضاع في البلاد” لكنه لم يستبعد أن “يستمر استهداف واشنطن لقادة في الحشد الشعبي في الأيام المقبلة، في حال كان هناك تصعيد من قبل الحشد تجاه الأمريكان”.
واعتبر إن “هذا الأمر مقروء بالنسبة للحشد، لذلك لن يُصعّد وسيجنب نفسه تلقي ضربات من الأمريكان على اعتبار إن هناك حالة من عدم التكافؤ”.