الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إيران: إلى "أم الحروب"!

إيران: إلى "أم الحروب"!

29.07.2018
إميل أمين


الاتحاد
السبت 28/7/2018
لم يكن تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني الخاص بخوض بلاده "أم الحروب"، إن مضت أميركا ترامب في طريق حصارها لإيران، تصريحاً عفوياً أو ارتجالياً، فالجمهورية الدينية الإيرانية ذات الطروحات والشروحات العقائدية، سوف تمضي إلى النهاية، وحتى لا تبدو كاذبة في أعين مواطنيها، نهاية قد تكتب صفحاتها بالنار والدمار، وربما بأدوات أخرى لإشعال الحروب في الخليج العربي وحول العالم برمته.
تحاول إيران في العلن أن تقلص من جدية التهديدات الأميركية، فعلى سبيل المثال استمعنا إلى قائد قوات الباسيج الإيرانية، الجنرال "غلام حسين"، وهو يصف تصريحات ترامب الموجهة ضد إيران بأنها لا تتجاوز أدوات الحرب النفسية، وأنه (ترامب) ليس في موقع يسمح له بالتحرك ضد إيران.
غير أنه في الخفاء ترتب إيران أوراقها لمواجهات حرب، فساكن البيت الأبيض لن يتوانى عن إيقاع أشد العقوبات بنظام الملالي، إن لم يقبلوا بالمطالب الـ12 الأميركية، والقول بأن خامنئي وصحبه يمكن أن يفكروا لوهلة في المصالح الحقيقية لبلدهم، فيه ضرب من ضروب الخيال.
استعدادات إيران لأم الحروب تكاد تكون حقيقة مؤكدة، لاسيما أن الحديث عن منع مرور النفط الخليجي عبر مضيق هرمز بات أمراً في أوساط النخبة الإيرانية الحاكمة، وقد باركه خامنئي الذي يعتبر أن التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية سيكون "خطأً واضحاً".
ويوما بعد الآخر، يقترب المدى الزمني للعقوبات الأميركية غير المسبوقة على إيران، ومعها يدرك الملالي أن الحل هو التصعيد المتبادل، والذي يمكن أن يصل في لحظة بعينها إلى الانفجار، ولعل حكومة طهران ستجد في "أم الحروب" منفذاً لها من تفاقم معضلاتها الداخلية، ومهرباً من مستويات معيشة مواطنيها المتردية.
تتهيأ طهران لأم الحروب عبر آليات مختلفة ربما في المقدمة منها، وقبل صليل الصوارم، الحرب السيبرانية والتهديدات الإلكترونية للعالم عامة ولجيرانها على نحو خاص.
ونتذكر أنه خلال 24 ساعة من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، أرسل المتسللون الإيرانيون رسائل البريد الإلكتروني التي تحتوي على برامج ضارة إلى دبلوماسيين في مكاتب الشؤون الخارجية لحلفاء أميركا ولشركات الاتصالات في بعض الدول.
كان الأمر جس نبض استعداداً للمواجهة الكبرى التي حذرت منها أجهزة الاستخبارات الأميركية، الأيام القليلة الماضية، ذلك أن الإيرانيين، وعبر شبكات القرصنة التي تعمل لصالح الحرس الثوري الإيراني وأجهز الاستخبارات الإيرانية، باتوا على أهبة الاستعداد لشن المرحلة الأولى من "أم الحروب"، عبر هجمات مكثفة على البنية التحتية الأميركية والأوروبية، وعلى الشركات الخاصة العالمية، والأنظمة الإلكترونية في المنطقة.
لكن هل ستقتصر إيران على الغرب فقط في هجماتها الأولى؟
الواقع أن منطقة الخليج العربي قد سبق أن شهدت هي أيضاً هجمات إلكترونية مصدرها إيران، ويبدو أنها هذه المرة مرشحة لأن تكون في مقدمة أهداف إيران. وقد جاء التحذير رسمياً من قبل "آدم مايرز"، نائب رئيس الاستخبارات المركزية الأميركية، الذي أشار إلى أن الإيرانيين سيستهدفون بنوع خاص الخصوم الإقليميين في الشرق الأوسط والخليج العربي.
التسريبات الاستخبارية العالمية، وليست الأميركية فقط، تشير إلى أنه في عالم 2016، حاول القراصنة الإيرانيون التسلل إلى بعض شبكات الكهرباء الأميركية وإلى سد في مدينة نيويورك. وبرغم أنهم أخفقوا، فإن ذلك لم يمنعهم من بذل جهد خارق في المرة التالية لتعطيل خدمات آلاف الشبكات الكهربائية ومحطات المياه، وشركات الرعاية الصحية والتكنولوجية في الداخل الأميركي، وفي أوروبا والشرق الأوسط.. وباختصار، فإن أركان البنية التحتية كافة للدول الغربية ستصبح أهدافاً جذابة للقراصنة الإيرانيين.
"أم الحروب" التي تتهيأ لها طهران، تتبدى من خلال الرفض المطلق للتجاوب حتى مع الأوروبيين بشأن برامجهم الصاروخية المهددة للأمن والسلم الدوليين، وليس الشرق أوسطيين فحسب. وفيما الجميع يخاطب خامنئي وروحاني كي تعدل إيران من سلوكها، يدشن وزير الدفاع الإيراني العميد "أمير حاتمي" خطاً جديداً لإنتاج صواريخ "فكو جو-جو" متوسطة المدى، والمجهزة بأحدث التكنولوجيا!
يفاخر "حاتمي" على هامش مراسم التدشين بأن من يسميهم العلماء الملتزمين والثوريين في منظمة الصناعات الجوفضائية من الإيرانيين قد تمكنوا، برغم الحظر، من تدشين خط إنتاج هذا الصاروخ، بعد إنجاز مراحل التصميم والتصنيع والإطلاق الناجحة في العام الماضي. ولم يتوقف عند هذا الحد، بل مضى إلى القول بأن جميع المقاتلات الإيرانية، حتى وإن كانت من طرازات عتيقة، قد أضحت قادرة على حمل وإطلاق هذا الصاروخ، وعند لحظة بعينها من سخونة "أم الحروب" قد تتحول إلى أدوات كاميكازية ضد الأسطول الأميركي في الخليج العربي.
يمكن للمرء المتابع فهم الأبعاد الخفية والعلنية للدور الإيراني في اليمن والدعم السخي للحوثيين، ذاك الذي يتجاوز المزايدة في المسألة العقائدية أو الفقهية، إلى محاولة إيجاد موطئ قدم لميلشيات تابعة لطهران بالقرب من باب المندب، كورقة تهديد أخرى في مواجهة الغرب حال احتدام "أم الحروب".
هل القارعة على الأبواب؟ قد يكون كذلك بالفعل، وإن بقيت الكواليس من واشنطن إلى طهران مفتوحة على الدوام.