الرئيسة \  مشاركات  \  إضراب الأسرى خيار الصعب ومركب المضطر الحرية والكرامة "3" 

إضراب الأسرى خيار الصعب ومركب المضطر الحرية والكرامة "3" 

22.04.2017
د. مصطفى يوسف اللداوي

الإضراب عن الطعام لم يكن يوماً هو الخيار الوحيد أمام الأسرى والمعتقلين، كما لم يكن هو الخيار الأول أو المفضل عندهم، وليس هو الأسلم والأقل كلفةً، ولا الأسهل والأيسر، بل هو الأصعب والأقسى، والأشد إيلاماً والأكثر ووجعاً، وهو محل قلق الأهل وخوفهم، ومبعث حزنهم وألمهم، ولا يلجأ إليه الأسرى إلا مضطرين وفي أضيق الظروف، وعندما تنعدم السبل وتتضاءل فرص التوصل إلى تسوية أو اتفاقٍ مع إدارة السجون والمعتقلات، وعندما يجدون أن أصواتهم لا تسمع، وصراخهم لا قيمة له، ولا يوجد من يصغي إلى مطالبهم أو يستجيب لها، وأنهم يخسرون مكاسبهم القديمة، ويفقدون إنجازاتهم السابقة، وأن ما حققوه في سنوات نضالهم الطويلة قد بات في مهب الرياح، وأن إدارة السجون تسحبها وتصادرها واحدةً تلو أخرى.
الإضراب عن الطعام وسيلةٌ موجعةٌ، وخيار المضطر، وسبيل الموجوع المتألم، إذ أنه يتعارض مع الفطرة ويخالف الطبيعة ويتصارع مع الغريزة، ويبقي الأسير في حالة معاناةٍ وألمٍ دائمةٍ، وفي صراعٍ محتدم بين الرغبة والحاجة، كما أن الإضراب يحط من قوة الأسير ويوهن من عزمه، ويضعف جسمه ويقلل من قدرته على الصمود أمام الأمراض والأعراض الصحية التي تنتابهم.
الأسرى والمعتقلون لا يهوون تعذيب أنفسهم، ولا يحبون أن يجوعوا أو أن يحرموا أنفسهم من متع الحياة رغم ضيقها ونذرتها في السجون والمعتقلات، كما لا يحبون أن يسقط منهم في السجون شهداء، بل إنهم يحبون كغيرهم من الخلق طيب الطعام، وشهي المأكولات ولذيذ الحلويات، ولكنهم يجدون أنفسهم من أجل كرامتهم وحريتهم، مضطرين للتنازل عن كل هذه المتع، والتخلي عن غريزة حب الطعام والشراب، علهم يتمكنون من تحقيق أهدافهم والوصول إلى غاياتهم، رغم علمهم أن صحتهم ستتضرر، وأن أجسادهم ستضعف وتذوي وتهزل، وأن بعضهم قد يصاب بأمراضٍ مستعصية ومزمنة، وبعضهم قد يفقد حياته ويستشهد.
يلجأ الأسرى لخوض الإضراب عن الطعام دفاعاً عن حقوقهم، وصوناً لكرامتهم، وحفاظاً على بعض امتيازاتهم ومكتسباتهم، وحرصاً على حياة الأسرى من بعدهم، وتخفيفاً عنهم، ومنعاً لسلطات السجون من التغول عليهم، وإيقاع الأذى بهم، وفرض المزيد من العقوبات عليهم، والإمعان في سياسة العزل ضدهم، ولو أن الأسرى والمعتقلين وجدوا طريقاً أو وسيلة أخرى أقل إيلاماً من الإضراب لتحقيق أهدافهم للجأوا إليها، وجنبوا أنفسهم عناء الجوع والألم وتردي الصحة والوفاة أحياناً، ولكن إدارة السجن تلجئهم إلى هذا الخيار الصعب وتدفعهم إليه دفعاً.
أما الأسرى المرضى، أو الذين لا يمتلكون القدرة الصحية على الامتناع عن الطعام والشراب لأيامٍ طويلة، أو المعتقلون الجدد الذين انتهوا قبل أيامٍ قليلة من حفلات التعذيب في زنازين العدو، أو الجرحى والمصابون، فإنهم يكونون أكثر الأسرى حرصاً على المشاركة في الإضراب عن الطعام، ويرفضون أي محاولة من أي طرفٍ أياً كان لمنعهم من المشاركة في الإضراب، واستثنائهم من المواجهة، ولعل إرادة الأسرى المرضى أقوى بكثير من إرادة الأصحاء، وهو الأمر الذي كان يغيظ إدارة السجون، التي تعمل على عزلهم ونقلهم إلى أقسامٍ وسجونٍ أخرى، علها تتمكن من كسر إرادة الأسرى المضربين وإحداث خرقٍ بينهم وإضعاف صفهم.
يقترب الأسرى المضربون عن الطعام جميعهم من الموت، ويفقدون القدرة على الحركة والانتقال، بل إنهم يفقدون شهية الحديث والكلام، ويلوذون بالصمت ويلجأون إلى الله بالدعاء والصلاة، ولكنهم ومع تدهور صحتهم، وفقدانهم لأوزانهم، وإصابة الكثير منهم بالإغماء والإعياء والدوار، نتيجة ضعف الدم ونقص السوائل، فإنهم يصرون على مواصلة الإضراب، ويرفضون كسره مهما بلغت المعاناة، ومهما كان الموت منهم قريباً، فهم يرون أن الشهادة أعز لديهم وأفضل من العيش في ظروف السجن القاهرة المذلة.
ويرى بعض الأسرى أن الواجب يملي عليهم، وهم الأسرى القدامى أصحاب التجربة والخبرة، أن يضحوا من أجل الأسرى الجدد القادمين من بعدهم، فمن حق إخوانهم من الذين سيأتي الدور عليهم في الاعتقال أن يجدوا بعض حقوقهم في السجن متوفرة، وبعض امتيازاتهم محفوظة، وإلا فإنهم سيعيشون طيلة سجنهم في جحيمٍ لا يطاق، وعذابٍ لا يحتمل، ولهذا فإن الأسرى المضربين يكونون على استعدادٍ للتضحية بحياتهم من أجل ضمانٍ عيشٍ كريمٍ لمن سيأتي من بعدهم، وفي سبيل هذه الأهداف النبيلة التي قد لا ينعمون بها قبل غيرهم من المعتقلين الجدد، فإن بعضهم يسقط شهيداً نتيجة عدم الاحتمال أو أثناء الإطعام القسري أو بسبب الجفاف.
ولهذا فإن الإضراب عن الطعام يعتبر شكلاً نضالياً متقدماً، يكتنف المنخرطين فيه أخطارٌ كبيرة، قد تؤدي إلى وفاتهم، أو تدهور صحتهم العامة، وفقدانهم لجزءٍ كبير من أوزانهم، إذ يخوضون إضرابهم تحت شعار "نعم لآلام الجوع ولا لآلام الركوع"، متسلحين بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين، وفيه يتحدون الجلاد بجوعهم وعطشهم لأيام طويلة، قد تمد لشهرٍ أو أكثر في بعض الإضرابات، وفيه ينتزع الأسرى الكثير من حقوقهم، ويحققون الكثير من الإنجازات والمكتسبات التي تحسن من ظروف اعتقالهم، رغم أن هذه المكتسبات والإنجازات قد تكلفهم استشهاد بعضهم، وقد تلحق بهم أضراراً جسدية، وقد يتعرضون لعقوبات التفريق والتشتيت والتمزيق والبعثرة والعزل والإقصاء لتشتيت شملهم وتمزيق وحدة كلمتهم.
الإضراب عن الطعام ليس أمراً سهلاً، ولا يقوى على الإقدام عليه كل المعتقلين بسهولةٍ، بل يلزم سالكه العزم والإرادة والقوة واليقين، والإيمان بالهدف والاستعداد للتضحية في سبيله، وهو ليس قراراً فورياً آنياً عاطفياً، بل إنه قرارٌ يخضع للعقل الرشيد والتفكير الهادئ الرزين، ويلزمه الكثير من المسؤولية الأخلاقية الفردية والوطنية، وهو يتطلب قراراً جماعياً، ودراسة متأنية، وإرادة صلبة، ومعرفة تامة بالظروف السياسية ومدى ملائمتها لخوض مواجهة مع إدارة السجون الإسرائيلية، كما يتطلب تنسيقاً محكماً ودقيقاً مع بقية السجون والمعتقلات، واتصالاتٍ مضبوطة مع المحامين ووسائل الإعلام وذوي الأسرى والمعتقلين والجهات المتضامنة معهم والعاملة من أجلهم، الأمر الذي يعني أنه الخيار الأصعب، والطريق الأكثر وعورة، ولهذا يتجنب الأسرى خوضه مباشرة، إلا بعد أن يتأكدوا تماماً من فشل كل السبل الأخرى.
بيروت في 21/4/2017
https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi
moustafa.leddawi@gmail.com
 
=======================
الإنتخابات الإيرانية -لا لحكم الولي الفقيه مع رئيس عمامة سوداء او عمامة بيضاء
 
 
علي نريماني – كاتب ومحلل ايراني 

تكثفت النشاطات الدعائية للأطراف الرئيسة في صراع الانتخابات الرئاسية الايرانية المزيفة بشكل لافت. الثعلب المحتال  حسن روحاني يتكلم كل يوم وفي بعض الأيام مرتين في يوم واحد! في المقابل الجلاد«رئيسي» كذلك يدلي بحديث في كل يوم ويجري مقابلات ويصدر رسالة مفتوحة. كما ان خامنئي الذي لزمت الصمت لمدة، أطل برأسه يوم 19 ابريل وأدلى بكلمات ترتبط بمسرحية الانتخابات. 
ويضع خامنئي و«رئيسي» وعناصر آخرون من هذا الجناح الأصبع على الوضع الاقتصادي المتدهور والوضع المعيشي للمواطنين ويقولون بتعابير مختلفة أنه يجب أن تأتي حكومة يصفونها بالثورية لكي تعالج هذه المعضلات ومن الواضح أنهم يقصدون مرشحيهم. 
كما وفي المقابل يتشدق روحاني في أقواله «هناك البعض يريدون اختزال الحياة في الاقتصاد بينما يجب أن تكون هناك برامج للثقافة والحرية ويجب تطرح حاجات المجتمع». 
في كلمات ودعايات الطرفين هناك جانب صحيح على الظاهر وكذلك جانب كاذب وتضليل:

1-    الوجه الصحيح في دعايات جناح خامنئي هو الاعتراف بالافلاس الاقتصادي والظروف المعيشية المأساوية للمواطنين والطبقات الفقيرة.
2-    كما في دعايات جناح روحاني الوجه الصائب هو الاعتراف بالضغوط الاجتماعية وقمعهم بذرائع مختلفة من جانب النظام. الاعترافات التي قلما تطرح عادة في ظروف اعتيادية وهذا هو الجانب الذي يربح الشعب الإيراني في هذا الصراع ويتبين الى حد ما كيف تعامل هؤلاء النهابون والمجرمون الحاكمون مع أبناء شعبنا طيلة هذه السنوات؟
3-   ولكن الوجه الكاذب والمبطن بالدجل في دعاوي الجناحين هوما يدعون بأنهم قادرون على تحسين الوضع اذا ما فازوا في الانتخابات!
4-    خامنئي زمرته يذرفون دموع التماسيح على الوضع المعيشي الحرج الذي يمر بالمواطنين كأنّهم ليسوا من كانوا يحكمون البلاد وهم جاءوا من خارج النظام و حتى من سيارة اخرى وليس لديهم أي دور في خلق الوضع المأساوي للبلاد. وكأنّ هذا الوضع الاقتصادي البائس كله حصيلة عمل 4 سنوات من حكومة روحاني وكان الوضع قبله على ما يرام! بينما لم ولن يعملوا لا في النظر ولا في العمل سوى النهب والاختلاس وفي أوسع حالته المنفلتة وممارسة القمع والإعدام بأبشع حالة وقسوة.  
5-   واما روحاني المحتال وشلته وعلى النمط ذاته، يتكلمون كأنّهم جاءوا من خارج النظام! وكأنّ روحاني لم يكن حسب قوله الرجل الأمني الرئيسي في هذا النظام و كان على طول عمر النظام يعمل في أعلى المناصب صاحبة القرار في جميع جرائم وغدر النظام ولعب الدور الأول فيها من الإعدامات والمجازر حيث كان يقول علنا يجب تنفيذ الإعدامات في الأماكن العامة! كما وفي ولايته قد أيّد الإعدامات تحت عنوان تنفيذ حكم القانون أو آحكام الهية... وفي قمع النساء هو كان أول من فرض الحجاب في عام 1979 اي بداية الثورة الإيرانية وأول من أصدر حسب ما أكده في مذكراته تعميما وأمر منع دخول النساء الموظفات السافرات الى الوزارات والدوائر وفصل العديد منهن بذنب سوء الحجاب...  والآن ينأى بنفسه ويترفع ويقول «لا يجوز وضع قيود ومحدودية بحكم قضائي واصدار أوامر!»
6-   ولكن الكذبة والتضليل الأكبر ليس هذه الدعاوي المكشوفة. بل الباطل والكذب الكبير الذي هو القاسم المشترك للجناحين وكل زمر النظام وحاشيته هو كأنّ الحل يخرج من داخل النظام! وكأنّ هذا الجناح هو أقل سوءا من الجناح الآخر! وكأنّ الشعب الإيراني مضطر الى اختيار هذه الزمرة أو تلك وعلى كل حال فهو مخير بين السيء والأسوأ! اذن تعالوا لنختار السيء حتى لا يسلط الأسوأ!
7-   ولكن الشعب الإيراني قد جرّب هذا النظام بكل أشكاله وزمره ويعلم جيدا لا فرق بين ما يسمى بالاصلاحيين وما يسمى بالاصوليين. ويصف الشعب هؤلاء بالمفسدين ويقول «الكلب الآصفر كالكلب الأحمر». ولافرق بين العمامة السوداء والعمامة البيضاء.
8-   ان الصراع بين زمر النظام المافياوية ليس بشأن الحلول الاقتصادية أو الخيارات الاجتماعية والثقافية. وانما يدور حول حصتهم من السلطة والنهب وأن الاقتصاد والثقافة ليست الا مجرد ذريعة! الحقيقة التي لابد أن لا نتعب من تكرارها هي أن المسألة الجوهرية في إيران هي الديكتاتورية الحاكمة. التناقض الرئيس للمجتمع الإيراني هو التناقض بين حق الشعب للسلطة وبين دكتاتورية ولاية الفقيه. ان تقديم أي حل لمعضلات إيران الاجتماعية والاقتصادية يمكن تصوره بعد معالجة هذا التناقض. ولذلك ورد في الدعوة التي أطلقها جيش التحرير الوطني الإيراني لمقاطعة الانتخابات، وصف حكم الملالي الغير مشروع بأنه أم الفساد للفقر والغلاء والبطالة والقمع. وجاء في الدعوة «الحرية والانتخابات الحرة على أساس حق الشعب في الحكم ولا ولاية الفقيه هو علاج ولاية الفقيه وهذا ما لايرضخه النظام له أبدا».
9-    لذلك طالما الاستبداد المطلق لولاية الفقيه على الحكم، يتجه الوضع في كل المجالات نحو الأسوأ ويبقى الحل الوحيد في نفي هذا النظام وتحقيق الحرية والديمقراطية. فلذك الشعب الإيراني يصرخ لا لكل  حكم الولي الفقيه مع رئيس عمامة سوداء او عمامة بيضاء .