الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إصرار روسي – سوري على الحسم العسكري في إدلب… وقصف بالقرب من نقطة عسكرية تركية

إصرار روسي – سوري على الحسم العسكري في إدلب… وقصف بالقرب من نقطة عسكرية تركية

31.08.2019
هبة محمد


القدس العربي
الخميس 29/8/2019
دمشق – "القدس العربي" : يواصل الحلف الروسي – السوري تصعيده على محافظة إدلب والأرياف الملاصقة بها، شمال غربي سوريا، وقصفه محيط نقاط المراقبة التركية، المحاصرة في ريف حماة، بالرغم من بروز رغبة الدول الضامنة في الحفاظ على مسار أستانة، حسب تصريحات الرئيسين التركي والروسي فلاديمير بوتين ورجب طيب اردوغان عقب القمة التي جمعتهما أول من أمس في موسكو، حيث ترمي مساعي الطرفين إلى تجاوز كل التحديات التي تواجه الاتفاق لا سيما الناجمة عن تباين المواقف، في وقت يقول فيه مراقبون ان استمرار حالة التفاوت في المصالح ستعود بروسيا إلى فرض رؤيتها عبر خيار الحسم العسكري، فيما تعمل تركيا على رفع مستوى تدخلها للدفاع عن مصالحها الأمنية والسياسية وهو ما أشار إليه الرئيس اردوغان.
سقوط قتلى
وأفادت المعارضة السورية أمس بسقوط ثلاثة قتلى وأكثر من 20 جريحاً في غارات جوية نفذتها المقاتلات الحربية السورية والروسية على مدن وبلدات ريفي حماة وادلب حسب وكالة "د ب أ" الألمانية. وقال قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير التابعة للجيش السوري الحر: "تناوبت 13 طائرات حربية روسية وسورية على قصف مدن وبلدات ريفي حماة وادلب، فقد قصفت تلك الطائرات محيط تل مرديخ الاثري ومدينة سراقب في ريف ادلب الشرقي كما دمرت عددا من المباني واحتراق عدد من السيارات". وبينما تدلل التطورات العسكرية في الميدان على عدم توصل محادثات القمة إلى نتائج لوقف القتال في آخر منطقة منخفضة التصعيد، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان ونشطاء محليون أن غارات جوية استهدفت يوم الأربعاء منطقة قريبة من موقع عسكري تركي في شمال غربي سوريا، حيث تشن قوات النظام السوري المدعومة من روسيا هجوماً عنيفاً على قوات المعارضة، وأبلغ مصدر أمني تركي كبير رويترز بأن اشتباكات عنيفة تدور بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة على بعد 500 متر تقريباً فقط من موقع المراقبة التركي. ولفت المصدر إلى أن "الصراع يدور على مقربة شديدة من الموقع التركي، واصفاً المواجهات بالعنيفة".
وألقى التصعيد الميداني في محافظة إدلب ومحيطها أثناء وغداة القمة الثنائية التي عُقدت بين بوتين واردوغان، الثلاثاء، الظلال على تباين المواقف في تصريحات الزعيمين اللذين لا يبدو أنهما استطاعا تحقيق التوافق إزاء مستقبل منطقة خفض التصعيد بعد تعثّر ذلك في الاتصال الهاتفي بينهما في 23 من الشهر نفسه.
ولا يعني التفاوت في المواقف، حسب الخبير في الشأن السوري، محمد السرميني، انتهاء الجهود الدبلوماسية بين الضامنين الدوليين في مسار أستانة، وربّما يكون هناك تعويل في تحقيق تقدّم ملموس على عقد اجتماع محتمل لمجلس التعاون رفيع المستوى إلى جانب القمة الثلاثية المقبلة بين أنقرة وموسكو وطهران.
وقد عكست القمّة استمرار رغبة تركيا وروسيا في تطوير العلاقات الثنائية، حسب رؤية المتحدث لـ"القدس العربي"، ورغم سياسة تجزئة الخلافات المتّبعة بين البلدين في القضايا كافة، لكن اردوغان حذّر من أنّ استمرار الخيار العسكري في إدلب سوف يقوّض العملية السياسية، أيّ أنه ربط استمرار تطوير العلاقات بتجاوز التحدّيات الناجمة عن تباين المواقف.
في المقابل حاول بوتين إرسال تطمينات لتركيا حول سلامة الجنود الأتراك وثقة بلاده بتحركات تركيا شرق الفرات لإقامة منطقة آمنة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية حينما اعتبر هذه الخطوة مهمة في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وهو موقف يخالف ما ذكره الكرملين باعتبار ما يجري محاولة لاجتزاء مساحات من البلاد.
اختبار نوايا
ويبدو انّ قدرة القمّة على إيقاف الحملة العسكرية مقترن بمدى اقتناع روسيا بجدوى الأخذ بعين الاعتبار بتحذيرات تركيا، وتداعياتها على ملف الحل السياسي في سوريا، وقد يجري اختبار لهذه النوايا عبر المناورة العسكرية في الميدان، أمّا في حال تعثّر الاستجابة بين الضامنين فإن رفع مستوى تدخل تركيا للدفاع عن مصالحها الأمنية والسياسية أمر وارد بشكل كبير وهو ما أشار إليه الرئيس اردوغان الذي وصف خلال مؤتمر صحافي عقده عقب انتهاء القمة، الوضع في إدلب بالمعقد لدرجة تهدد الجيش التركي الذي أصبح "في خطر".
وأمام التصريحات التركية، وعلى ضوء اختلاف المصالح، قال بوتين في مؤتمر صحافي مشترك "تتعاون روسيا وتركيا عن كثب من خلال صيغة أستانة بمشاركة إيران. وفي رأينا، هذه الصيغة هي الآلية الأكثر فاعلية لحل الأزمة السورية".
فيما أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، على استمرار الاتفاقات الروسية – التركية المبرمة في سبتمبر/أيلول الماضي، مضيفاً: "يتم تنفيذ الاتفاقيات، ولكن هناك بعض الصعوبات، ومع ذلك، كان علينا ألا نبقى متفرجين على الهجمات القادمة من جنوب المنطقة، لذلك أبلغنا نظراءنا الأتراك بالخطوات التي اتخذناها وسنتخذها".
واعتقد الباحث السياسي فراس فحام ان ثمة تبايناً واضحاً في المواقف بين تركيا وروسيا بما يخص إدلب، وهذا التباين هو السبب الذي يدفع الطرفين لعقد قمة ثنائية، إذ لا يزال الموقف التركي حريصاً على إعادة الهدوء إلى إدلب، خاصة أن الأجندة التركية في سوريا مزدحمة وتتضمن أيضا ملف شرق الفرات، لكن روسيا وبعد ما حققته من نجاحات ميدانية تعتقد أنه بإمكانها حسم ملف إدلب عن طريق العمليات العسكرية.
وقال الباحث السياسي لـ "القدس العربي" إن روسيا تفكر حالياً بتكرار سيناريو ريف حماة من حيث عزل نقاط المراقبة التركية عن محيطها وعن الطريق الدولي دمشق – حلب، بالتالي اضعاف الدور التركي وتأثيره في معادلة إدلب أكثر فأكثر، لافتاً إلى انه وبعد ما حققته روسيا من تقدم ميداني بات سقف طموحها في إدلب مرتفعاً، وتظن نفسها قادرة على فرض واقع ميداني جديد على أنقرة، وهذه النقطة قد تكون السبب في عدم التوصل لتفاهم جديد حول إدلب، واحالة الحسم للميدان.
في الميدان
وفي إدلب، قال المرصد السوري ان أكثر من 15 طائرة حربية تابعة للنظام والروس استهدفت بشكل متزامن بأكثر من 65 غارة جوية ريف معرة النعمان الشرقي وغارات تستهدف منطقة النقطة التركية في شير مغار. في حين قتل مدني جراء قصف جوي روسي استهدف مزارع بلدة التمانعة جنوب إدلب، بينما تواصل الطائرات الحربية هجومها الأعنف على منطقة "خفض التصعيد" منذ صباح يوم الاربعاء، حيث تركزت الغارات على مناطق في ريف معرة النعمان وشرق بلدة سراقب ومحاور كبانة والخضر في ريف اللاذقية الشمالي، في حين تدور اشتباكات متواصلة على محور كبانة بريف اللاذقية الشمالي، بين قوات النظام والميليشيات الموالية لها من جانب، والفصائل ومجموعات جهادية من جانب آخر.
وارتفع عدد الضربات والقذائف إلى أكثر من 800 ضربة، من بينها 46 غارة استهدفت كلاً من التح وجرجناز والدير شرقي وسراقب وتلمنس ومعرشورين والغدفة وتل مرديخ ومناطق أخرى في ريف معرة النعمان في القطاع الشرقي من محافظة إدلب وميدان غزال وجب سليمان وشير مغار في جبل شحشبو في ريف حماة الغربي، إضافة إلى أكثر من 38 ضربة جوية نفذتها طائرات حربية روسية على مناطق في محور التمانعة ومعصران وتل الدبس والتح والتمانعة ومعرة حرمة وكفرسجنة، ومحور كبانة في ريف اللاذقية الشمالي، بينما قصفت الطائرات المروحية نحو 12 برميلاً متفجراً استهدفت محاور كبانة، في حين ارتفع عدد القذائف والصواريخ التي أطلقتها قوات النظام إلى 649 على أماكن في كفرنبل وبلدات أخرى محيطة بها.