الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إدلب وحافة الحرب

إدلب وحافة الحرب

01.09.2018
فيصل عابدون


الخليج
الخميس 30/8/2018
تعيش محافظة إدلب السورية وسط احتمالات يصعب التنبؤ بأرجحيتها، وتتراوح بين حرب لا يعرف مداها وشدتها وتأثيراتها، وبين تسوية سياسية يعتبر خبراء وسياسيون أنها يمكن أن تنزع فتيل الأزمة، وتطرح توافقات جديدة على غرار ما حدث في محافظتي درعا والغوطة الشرقية. وتكمن صعوبة التنبؤ بمآلات ومصائر الأمور التي ستجري خلال الأيام القادمة في تناقض مصالح الأطراف المتورطة في الأزمة والتغييرات المتسارعة في استراتيجيات وخطط وأهداف هذه الأطراف بالتساوق مع التحولات التي تشهدها المنطقة بشكل عام والصراع السوري على وجه الخصوص.
وتسيطر على المحافظة في الوقت الحالي فصائل غير متجانسة بينها مجموعات معارضة وأخرى موالية لتركيا وثالثة عبارة عن جماعات متشددة على قائمة الإرهاب مثل "جبهة النصرة"، بينما يسكن المدينة أكثر من ثلاثة ملايين شخص هم المهددون بالوقوع بين خطوط النار إذا أطلق النظام مدعوماً بالقوة الجوية الروسية وكتائب الميليشيات الحليفة، هجومه لاستعادة المحافظة.
وبينما يبدو احتمال الهجوم العسكري للنظام الأكثر ترجيحاً بسبب الحشود والتعزيزات العسكرية الكبيرة التي وصلت إلى مناطق التماس بالفعل وبدأت عمليات قصف تمهيداً للمعركة، فإن احتمال التوصل إلى تسوية سياسية فيما بات يعرف باتفاقات "المصالحة"، لا تنقصه فرص التحقق على أرض الواقع.
وتقود روسيا وتركيا على ما بينهما من تضارب مصالح جهوداً منفصلة لتعزيز فرص التسوية على حساب الهجوم العسكري المتوقع. ويمارس الأتراك ضغوطاً على الجماعات المتشددة وبينها "النصرة"، لتفكيك ميليشياتها المسلحة، في محاولة لتهدئة المخاوف الروسية حول الوجود الإرهابي في إدلب وبالتالي إنهاء مبررات العمل العسكري. من جانبها تحاول القيادة العسكرية الروسية العاملة على الأرض السورية إجراء محادثات مع قادة الجماعات المسلحة وزعماء العشائر وإقناعهم بتوقيع اتفاق تسوية يقضي بنزع سلاح المقاتلين مع تقديم ضمانات لهم وعائلاتهم عند دخول قوات النظام بشكل سلمي ما يجنب أهالي المحافظة ويلات الحرب.
وما يعزز احتمالات التراجع العسكري لصالح السياسي أيضاً الاتهامات والتهديدات المتبادلة بين القيادتين الروسية والأمريكية حول استخدام السلاح الكيماوي من قبل هذا الطرف أو ذاك في إدلب. فهذه الاتهامات تبدو وكأنها وسيلة للردع أكثر من كونها حقائق يستند عليها أي طرف. كما أن اجتماع مجلس الأمن الدولي الثلاثاء خصص بأكمله للتعبير عن القلق حول ما يمكن أن يجره الهجوم العسكري على أهالي المحافظة، ووضع المشاركون خطوطاً حمراء عديدة وأطلقوا تحذيرات من الهجوم وهددوا أيضاً من مغبة استخدام السلاح الكيماوي في أي هجوم محتمل.
وكل هذه التحركات والجهود قد تنجح أو لا تنجح في كبح وتيرة التحضيرات العسكرية الجارية وفي إبعاد شبح الحرب عن الأهالي وترجيح خيار التفاوض السلمي لإنهاء المواجهة الراهنة.