الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إخفاقات اللجنة الدستورية في سوريا تعزز الشكوك في جدوى استمرارها 

إخفاقات اللجنة الدستورية في سوريا تعزز الشكوك في جدوى استمرارها 

02.02.2021
العرب


العرب 
الاثنين 1/2/2021 
دمشق - مرت خمس جولات من أعمال اللجنة الدستورية في سوريا على مدى 15 شهرا، دون أن يسجل لهذه اللجنة أي اختراق يذكر، وسط شكوك متزايدة في جدوى استمرارها، سوى إضاعة المزيد من الوقت في حلقة مفرغة. 
مبعوث الأمم المتحدة لدى سوريا غير بيدرسون الذي لطالما تسلح بالإيجابية على مدى الجولات الماضية، بدا هو الآخر يائسا، حيث أعرب في ختام الجولة الخامسة الجمعة الماضية، عن خيبة أمل كبيرة حيال الفشل المتكرر قائلا “لا يمكن أن نستمر هكذا”. 
هذا الشعور بالفشل والعجز انعكس تأزما في صفوف وفد المعارضة الذي أعلن أحد أعضائه عوض العلي مؤخرا عن استقالته، واصفا العملية التفاوضية الجارية حول الدستور بالعبثية. 
وقال العلي في تسجيل مصور أرسله لتلفزيون سوريا، إن عملية التفاوض التي احتضنت جنيف جولتها الخامسة، “عبثية ولا فائدة يرجى منها سوى أننا نعطي انطباعا أن هناك عملية سياسية والنظام متفاعل معها، في حين الحقيقة غير ذلك”. 
ويرى نشطاء ومناهضون لنظام الرئيس بشار الأسد أن عدم تحقيق أي تقدم في المفاوضات الجارية حول الدستور، يتحمل المجتمع الدولي جانبا من المسؤولية عنه، لجهة تراجع اهتمامه بشكل ملحوظ بالقضية السورية عموما، لكن أيضا المسؤولية تقع في شق كبير منها على المعارضة التي اتسم أداؤها بقدر من “المراهقة السياسية”، وحادت عن الثوابت الأساسية وتحولت إلى رهينة لأجندات القوى الداعمة لها. 
محمود الحمزة: المشكلة في سوريا سياسية بامتياز وليست مشكلة دستور 
ويشير هؤلاء إلى أن المعارضة الموجودة تحاول دوما تعليق الفشل على شماعة النظام في التوصل إلى حل سياسي، لكنها تغفل واقع عجزها وعدم قدرتها على فرض نفسها، وبالتأكيد فإن النظام السوري يستغل هذا الوضع لتجييره لصالحه. 
ويقول في هذا الصدد محمود الحمزة المعارض السوري المقيم في موسكو لـ”العرب” إن اللجنة الدستورية بلا أفاق، وكانت بالأساس فكرة روسية بدعم من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والمجتمع الدولي للالتفاف على مقررات جنيف التي تقضي بإيجاد حل سياسي في سوريا لأن المشكلة في البلد سياسية بامتياز وليست مشكلة دستور. 
ويضيف الحمزة أنه من المفروض أن يكون وضع دستور جديد تحصيل حاصل بعد تركيز هيئة حكم انتقالي كما نص على ذلك اتفاق جنيف 1 الذي جرى التوصل إليه في العام 2012 ، لكن من الواضح أنهم كانوا يريدون أن يلتفوا على الاستحقاقات المهمة والأساسية التي تحقق حلا سياسيا مستداما والخروج من هذه الأزمة في سوريا عبر اللجنة الدستورية. 
ويلفت المعارض السوري إلى أن اللجنة التي بقيت لأكثر من سنة ونصف السنة قيد التشكيل تم رسمها من قبل الدول الأجنبية وليس من السوريين، والآن هي تعمل منذ أكثر من سنة في جلسات خاوية من أي محتوى. 
وانتقد الحمزة قبول المعارضة السير في هذا المسار، قائلا إن موقفها كان “هزيلا وبائسا”، وأنه كان عليها أن تكتشف أن هذه اللجنة ومنذ البداية ليست سوى مسرحية للمماطلة في الوقت وأكبر دليل على ذلك أن بشار الأسد بدعم روسي سيجري الانتخابات الرئاسية خلال أشهر قليلة بمعزل عن أي دستور للبقاء في الحكم لسبع سنوات أخرى. 
وكانت الحكومة السورية أعلنت في وقت سابق عن التزامها بعقد الانتخابات الرئاسية في موعدها، في الربيع المقبل، وأنها ترفض أي ربط بين هذا الاستحقاق وبين عمل اللجنة الدستورية. 
ولم يعلن الرئيس بشار الأسد عن ترشحه للاستحقاق، بيد أن كثيرين يتوقعون أن يقدم على تلك الخطوة قريبا. 
ويقول محمود الحمزة في تصريحات لـ”العرب” إن النظام كما حليفته روسيا لا يأبهان في حقيقة الأمر لعمل الجنة الدستورية الذي يمكن أن يتواصل لعشر سنوات أو 15 سنة، فيما النظام القائم مستمر ويجدد للأسد في انتخابات مزيفة ونتائجها معروفة سلفا كعادته على مدى 50 سنة، حيث لم تحدث خلال هذه المدة أي انتخابات ديمقراطية واحدة. 
ويضيف أن “النظام يعتقد أنه يستطيع أن يمرر الانتخابات الرئاسية، بل أن بمقدوره الإعلان في يوم واحد عن إجرائها والإعلان عن نتائجها، فهذه المسرحية يتقنها جيدا، دون أن يهتم للمجتمع الدولي لكنه اليوم يفكر بأن يعطي شرعية لهذا الاستحقاق وسينجح، في المقابل سيعلن الأميركيون وباقي قوى الغرب مثل العادة عن رفض الاعتراف بنتائجها، وهذا لن يغير شيئا”. 
وشدد على أنه إذا لم يرحل بشار الأسد والمحيطون به لا يمكن لسوريا أن تستقر، مؤكدا أن المشكلة ليست في الدستور بل في الحل السياسي القائم على تغيير بنية النظام السياسي. 
وتهتم اللجنة بإعادة صياغة الدستور السوري، وهي هيئة مكونة من 150 عضوا، بواقع 50 ممثلا لكل من المعارضة، والنظام، ومنظمات المجتمع المدني، بينما تتكون الهيئة المصغرة للجنة من 45 عضوا، بواقع 15 عضوا من الأطراف الثلاثة.