الرئيسة \  مشاركات  \  أيّهما أولى ، بتذكير المرء بواجباته : شكلُ الفم، أم الكلامُ الذي ينطلق منه ؟

أيّهما أولى ، بتذكير المرء بواجباته : شكلُ الفم، أم الكلامُ الذي ينطلق منه ؟

01.03.2020
عبدالله عيسى السلامة




في المثل العربي القديم :
ذكّرني فوكِ حمارَي أهلي !
قصّة المثل :
كان رجل يسوق حمارين ، في طريق برّي ، فرأى ، عن بُعد ، امرأة ، فنظر إلى قوامها ، فأعجبه، فترك حمارَيه ، وأسرع خلفها ! وحين اقترب منها ، التفتت إليه ، فلم يعجبه فمها ، فقال لها : ذكّرني فوكِ حمارَي أهلي ، وعاد سريعاً ، إلى الحمارين ، يسوقهما ! وذهبت قولته للمرأة ، مثلاً !
والسؤال ، هنا ، هو: هل شكلُ الفم ، وحدَه ، الذي يذكّر الناس ، بما ينسونه ، من واجباتهم .. أم الكلامُ ، الذي ينطلق من الفم ، يذكّر الناس ، كذلك ؟
لاشكّ في أن بعض الأمور، تغري بالاهتمام ، مثل الشكل الخارجي للجسم ، وما يتّصل به ، فينسى المرء بعض واجباته – ذُهولاً ، أو غفلة - .. بَيدَ أن ثمّة أموراً ، عدّة ، قد تنفّر العقل ، أو الذوق ، أو الإحساس .. فيستعيد المرء وعيه ، أو صوابه ، ليتذكّر بعض ماكان قد نسيه ، من واجباته !
نموذج( 1) : خرج رجل من بيته ، متّجها إلى أحد المخابز، ليشتري خبزاً لأسرته ، فرأى في طريقه تجمّعاً ، يخطب فيه أحد الأشخاص ، فسأل عن الأمر، فقيل له : هذا النائب فلان ، قد رشّح نفسه ، لانتخابات المجلس النيابي المقبل ، بعد أن انتهت مدّة المجلس الذي هو فيه ! فاقترب منه ، فسمعه يتحدّث ، عن برنامجه الانتخابي ، ومِن أهمّ بنوده : العدالة .. ومحاربة الظلم والفساد .. وحرّية الرأي ، لمواطني بلاده ..! ثمّ سمع شابّاً ، بقول للمرشح : لقد انتخبناك ، في المرّة الماضية، وكان برنامجك الانتخابي ، هو، ذاته ، الذي تتحدّث عنه ، الآن .. بل ؛ بالعكس ، رأيناك تتزلّف للسلطة التنفيذية ، وتبارك ، سائرَ أنواع الظلم والفساد ، والاستبداد ، وقمع الآراء الحرّة .. فهل تختلف وعودك ، اليوم ، عن وعودك ، بالأمس ؟ فصاح به المرشّح : اخرس ، بارقيع ! هل جئت لتُفسد لي المؤتمر الانتخابي ؟ ومَن دسّك علينا ، لفعل هذا ؟ إنك متآمر خبيث ، وسأعلم مَن حرّضك ضدّي ، وأحاسبه ، وأحاسبك ، معه !
فقال الرجل ، الذي جاء ليشترى خبزاً : ذكّرني كلامك ، بخبز أولادي !
نموذج (2) : طالبٌ جامعي ، أعَدّ نفسه ، للذهاب إلى جامعته ، فرأى على شاشة التلفاز، رئيس بلاده ، يخطب : عن الرفاهية ، التي سيوفّرها لشعبه .. وعن الغلاء ، الذي سيحاربه .. وعن البطالة المتفشّية ، في دولته ، وعن نيّته ، في القضاء عليها ..! ثمّ ، حين تذكّر، أن هذا الكلام مكرور، على لسان رئيسه ، من سنين ، وأنه لم ينفّذ منه شيئاً .. خاطب صورته ، في التلفاز، قائلاً : ذكّرني كلامك بجامعتي ، وبأنّ لديّ محاضرة ، يجب أن أحضرها !