الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أيها العرب.. إيران تكسب من أخطائكم

أيها العرب.. إيران تكسب من أخطائكم

10.12.2016
زيد علي الفضيل


المدينة
الخميس 8/12/2016 
أيها العرب.. إيران تكسب من أخطائكم ليس خافيًا أن الإقليم يمر اليوم بأصعب حالاته السياسية والاقتصادية، جراء حالة التفتت السياسي الكائن بالعراق وسوريا واليمن وليبيا، ونتيجة لتردي الأحوال الاقتصادية في بقية دول المنطقة مع التفاوت بين دولةٍ وأخرى، كل ذلك شكَّل ويُشكل معضلة تثقل من كاهل دول مجلس التعاون الخليجي، التي لا تزال تحتل المرتبة الأفضل في إطار المنظومة العربية بوجهٍ خاص؛ وبالرغم من ذلك إلا أنها قد تأثرت بمختلف التداعيات القائمة في المنطقة من جهة، وملامح التغيير في المشهد السياسي الأمريكي من بعد توقيع مذكرة التفاهم النووي مع إيران، ووصول الرئيس الأمريكي ترامب بآرائه وتصريحاته الحادة إزاء المنطقة.
أمام هذا التحدي ألا يجب أن يُفكر باحثو وعلماء السياسة بالمنطقة في رسم خريطة عمل سياسية جديدة، ووفق منهج مختلف عما جرى عليه الأمر خلال العقود الماضية؟.
ذلك ما جال في خاطري فكرًا وقولًا وأنا أستمع لعديد من الأطروحات التي قدَّمها عدد من الباحثين في ندوة منتدى دراسات الخليج، التي نظمها المركز العربي للدراسات بالدوحة خلال الأيام السالفة، فذهنية العمل السياسي إزاء إيران لم تتغير في جوهرها عن ما تم العمل به والتخطيط له منذ عقود، وهو أمر إشكالي من وجهة نظري، يعكس عمق الأزمة في إطار أمتنا العربية أولا قبل أي إطار آخر.
فمثلا لا يزال الصوت العالي المُهدِّد هو الغالب على سمت مختلف الخطابات المناهضة لكل أفعال إيران التوسعية المرفوضة، وهو أمر له تكلفته الاقتصادية الكبيرة، كما لا يزال التفكير الحاد القائم على سمت المفاصلة الكلية هو الأبرز في مجمل سياقات العمل مع إيران، وكم دُهِشْتُ حين استمعت خلال الندوة إلى أوراق عمل تُروج للاستعانة بدول متعددة كبديل للتعاون مع أمريكا، وكأن الأمر في نهج تسويات أمتنا مع إيران مشروط بمسار واحد وهو مسار المواجهة المستديمة، على الرغم من أن الأمر يمكن أن يكون مفتوحًا بحكم قانون السياسة على أكثر من مسار.
في جانب آخر أشير إلى أن إغفال المؤسسات الحقوقية العربية ومنظمات المجتمع المدني التواجد في أروقة مختلف المؤسسات الحقوقية الأممية والأوربية، ومختلف المؤسسات الأهلية الثقافية الأوروبية والعالمية، قد أفقد قضايانا الوطنية والإقليمية الكثير من الدعم اللوجستي، في الوقت الذي تتمدد فيه جارتنا اللدودة إيران بالطول وبالعرض في كثير من أروقة وردهات تلك المؤسسات، مستفيدة من قصور الخطاب العربي الثقافي والإعلامي الذكي والواعي.
على أن أكثر ما تستفيد منه إيران وبشكل مجاني كامن في إصرار بعضنا على اتهام كل من يخالفنا في الرأي أو التوجه المذهبي من أبناء أمتنا العربية بأنه تابع لها، وتلك لعمري أكبر هدية قدمناها ولا نزال لإيران، التي صورت نفسها للعالم -زورا وبهتانا- بوصفها دولة تدافع عن حقوق مجموعات عربية تابعة لها مذهبًا ومؤيدة لها رأيًا، في الوقت الذي هي أكثر من يزدريهم ويرفض القبول بهم في إطار دولتها الجغرافية، وأكثر من حارب قيام مرجعية دينية منهم، كما حصل مع السيد محمد حسين فضل الله في لبنان