الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أين أخطأت تركيا في ملف اللاجئين السوريين؟ (2-2)

أين أخطأت تركيا في ملف اللاجئين السوريين؟ (2-2)

08.08.2019
د. أحمد موفق زيدان


العرب القطرية
الاربعاء 7/8/2019
منذ بدء ماراثون الانتخابات المحلية في اسطنبول، وضع اللاجئون السوريون أيديهم على قلوبهم، وبدأوا يضربون أخماساً في أسداس، لكن لم يعتقد أحد أن يتم التعاطي مع اللاجئين بهذه السرعة والاعتباطية، فمع فوز إمام أوغلو المنافس لمرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم، بدأ الفائز الجديد إجراءاته التي وعد فيها بطرد أكثر من 400 ألف لاجئ سوري مقيم في اسطنبول بطريقة غير قانونية، ولكن هذه الطريقة تعاملت معها الحكومات السابقة دون أية مشكلة، وبالتالي التعامل معها اليوم بشكل مختلف يدينها، وهي التي سمحت بدخولهم للمدينة، وغضت الطرف عنهم لتتعاون اليوم ضدهم.
كان من الممكن منح اللاجئين في اسطنبول فترة ثلاثة أشهر على الأقل كما تفعل كثير من الدول، وبعدها كل من يعجز أو يرفض تقنين إقامته فسيتم ترحيله إلى الولاية التي نال منها الإقامة، أما أن تظهر فجأة الباصات التي ذكّرت الشعب السوري بالباصات الخضر لاقتلاع السوريين من بلداتهم على أيدي العصابة الطائفية والاحتلالات الأجنبية في سوريا، فقد كان أسلوباً سيئاً في التعاطي والإخراج، وقدم صورة سلبية جداً لتركيا والشعب التركي بعد كل هذه الضيافة والاستقبال الذي قدمه على مدى عقد تقريباً -ولا يزال للاجئين السوريين- وكانت من أقزز المشاهد ذاك الطابور من اللاجئين الذين وُثقت أيديهم خلف ظهورهم بمشاهد ذكّرت العالم باعتقالات العصابة الطائفية في دمشق، وكذلك بمعتقلي غوانتانامو، وهي مشاهد لا تليق بتركيا، وتعطي وقوداً للدعاية المضادة لتركيا وقد كان، وهي بأمس الحاجة إلى عدمه.
ومن سوء الصدف أن تجري عمليات الترحيل من اسطنبول مع عمليات الترحيل التي تقوم بها الحكومة اللبنانية بمشاهد لا تقارن بما يجري في تركيا، ولكن منح ذلك البعض أن يصطاد في الماء العكر، وأن يعمل على مقارنات بين الترحيلين.
تراجع الحكومة التركية بعد أيام، ومنحها اللاجئين في اسطنبول شهراً كاملاً لتسوية أوضاعهم، قبل استئناف عملية الترحيل، دليل واضح على إقرارها بخطئها بسياسة الترحيل الاعتباطية الأخيرة، والتي أضرت تركيا كثيراً للأسف، وأضرّت معها الموسم السياحي الحالي، ووجد معسكر الثورات المضادة غايته ومراده بهذا التصرف، والكل يعرف أن السوري في تركيا ليس ممثلاً لسوريا فقط بقدر ما هو ممثل لجزء كبير من العرب، فكلامه عن تركيا يؤخذ به، وقد يكون ذلك دعاية سلبية أو إيجابية عنها، وتلك نقطة مهمة كان على صانع القرار التركي أن يأخذها بعين الاعتبار.
لكن الأخطر من هذا هو حالة الاحتقان المجتمعي التركي تجاه اللاجئين وهو ما يرفع وتيرة الخطاب والممارسة العنصرية، فقد وصل الأمر إلى أن أحد الكتاب يقول إن أسماء المحلات العربية في اسطنبول اعتداء على الكمالية، وقالت مرشحة بلدية محلية إنها لن تتنازل عن منطقة الفاتح للسوريين، ومع اليوم الأول لفوز إمام أوغلو بانتخابات بلدية اسطنبول تصدر هاشتاج أخرجوا السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.
اسطنبول تعجّ باللاجئين غير الشرعيين من باكستانيين، وأفغان، وغيرهم، وقد ظهرت حوادث اغتصاب وتحرش جنسي من هؤلاء، ولكن لم يأبه لها أحد من السياسيين والإعلاميين، مما يؤكد أن استهداف اللاجئ السوري مرده سياسي وليس غير ذلك.
نقطة أخيرة وهي أن بعض الذين سعوا للدفاع عن تركيا بحق وباطل في سياستها الأخيرة بترحيل اللاجئين أساؤوا إلى أنفسهم وأساؤوا إلى تركيا، فالدفاع يكون بالحق.. وبالتالي فقطعاً للطريق على المزايدين نقول لهم: لا يُزايد علينا أحد.