الرئيسة \  تقارير  \  أوكرانيا.. درس للقوى العظمى

أوكرانيا.. درس للقوى العظمى

12.05.2022
دانيال دبليو دريزنر


دانيال دبليو دريزنر
الاتحاد
الاربعاء 11/5/2022
ردّت إدارة بايدن على الهجوم الروسي على أوكرانيا. فقبل الهجوم، كشف مسؤولو الاستخبارات الأميركية عن خطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في محاولة للإفصاح عن الهجوم الذي كان يخطط له. وخلال الحرب، أبان المسؤولون الأميركيون عن كفاءة سياسية في الزمن الحقيقي من خلال مساعدتهم على تقوية التحالف الذي يدعم أوكرانيا.
وكان التوقع السائد على نطاق واسع في فبراير الماضي هو أن روسيا ستصل إلى كييف بسرعة. واليوم وبعد أكثر من شهرين على الحرب، تبدو قدرة روسيا على دعم أي هجوم محل شك. وإذا كان هناك درس يمكن استخلاصه من هذه الحرب، فهو أنه لم يعد بالإمكان توقع أن تخوض القوى العظمى حروباً سهلة وتفوز فيها، وهو ما يجعل من خوض القوى العظمى لحروب أقل احتمالاً على المدى المتوسط.
ومع استمرار الحرب، ظل المسؤولون الأميركيون يميلون إلى الثرثرة. غير أنهم بدأوا يقولون أشياء تهدد بتقويض السياسة الخارجية الأميركية، ولا سيما بخصوص الأهداف الأميركية في مساعدة أوكرانيا. والشهر الماضي، قال وزير الدفاع لويد أوستن: “نريد أن نرى إضعاف روسيا لدرجة لا تستطيع معها فعل أشياء من قبيل تلك التي قامت بها في الهجوم على أوكرانيا”. والحال أن زيادة أهداف حرب مثل هذه أمر متهور – ولا سيما حينما لا تكون الولايات المتحدة هي التي تخوض الحرب.
والأسبوع الماضي، انخرط مسؤولون أميركيون لم يُكشف عن هوياتهم في الثرثرة من جديد. فيوم الأربعاء، أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” بأن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى أخبروها بأن “الولايات المتحدة وفّرت معلومات استخباراتية بشأن وحدات روسية”. وهذا يطرح السؤال الفلسفي بخصوص ما إن كان شيء ما سرياً حقاً إذا كان المسؤولون الأميركيون يخبرون الصحفيين عنه.
وبعد يوم على ذلك، كان المسؤولون الأميركيون أكثر ثرثرة من ذلك بكثير. إذ أفادت “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز” و”إن بي سي نيوز” جميعها بأن مسؤولين أميركيين قالوا إن الولايات المتحدة لعبت دوراً ثانوياً حاسماً في مساعدة القوات الأوكرانية على إغراق درة الأسطول الروسي في البحر الأسود، سفينة موسكفا.
وربما لا يحتاج الأمر خبيراً في الشؤون الدولية لإدراك أن لا فائدة في التباهي والتبجح بخصوص هذه الأنواع من الأنشطة للصحافة. صحيح أن ذلك قد تكون له فائدة في الدوائر الداخلية، غير أن التأثيرات الدبلوماسية تأتي بنتيجة عكسية. ثم إن الجيش الروسي واعٍ بالأنشطة الأميركية، ولهذا فإن الإعلان عنها لا يُرهب العدو. وبدلاً من ذلك، فإنه يبالغ في وصف الدور الأميركي في حرب مع قوة نووية معلَنة ويستدعي رداً انتقامياً في المستقبل. وعليه، فحينما يتعلق الأمر بمساعدة طرف ما خلال حرب من دون تخطي خطوط حمراء مفهومة ضمنياً، فإن الفعل أفضل من الكلام.
لقد كنت متشككاً جداً بشأن المزاعم التي تفيد بأن المساعدة الأميركية ستؤدي إلى تصعيد للنزاع يتعدى أوكرانيا، ولكن ذلك لا يعني أن نكء الجرح على نحو غير ضروري فكرة جيدة. ولا شك أن قول أشياء من قبيل أن الولايات المتحدة “في حالة حرب في الجوهر” مع روسيا هو من قبيل الخطابات المحمومة والمبالغ فيها التي ينبغي لمسؤولي الفرع التنفيذي والتشريعي تحاشيها.
وخلاصة القول إن إدارة بايدن نفذت سياسة خارجية صائبة، ولا شك أنها ستبلي بلاء أحسن في تلك السياسة إذا بدأت في التقيد بقدر أكبر من الانضباط في الرسائل التي تصدر عنها وبسرعة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة “واشنطن بوست وبلوميبرج نيوز سيرفس”