الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أهم الأحزاب والهيئات والتيارات التي ظهرت في الثورة السورية 

أهم الأحزاب والهيئات والتيارات التي ظهرت في الثورة السورية 

21.01.2021
خالد المطلق



حرمون 
الاربعاء 20/1/2021 
– مقدمة 
– التصنيف العام 
أولًا- الحركات الإسلامية الوسطية 
ثانيًا- الحركات الجهادية 
ثالثًا- الأحزاب ذات المرجعية الوطنية 
رابعًا- تيارات وهيئات المعارضة المستأنسة 
– خاتمة 
مقدمة: 
لم يكن خافيًا على أحد نجاح الأسد الأب في السيطرة التامة على الحياة السياسية في البلاد وتأطير العمل السياسي تحت مظلة حزب البعث الحاكم من خلال الجبهة الوطنية التقدمية؛ ما أدى إلى ظاهرة تصحر الفكر السياسي في البلاد طوال عقود حكمه سورية. عند تسلم الأسد الابن السلطة استبشر كثير من السوريين خيرًا في الرئيس الشاب الذي يحمل أفكار الغرب، وزاد هذا الأمل سماحه بإعادة الحياة السياسية إلى الشارع السوري عبر تأسيس عدد من الأحزاب السياسية المعارضة، لكن سرعان ما التف على قراره عندما نهض عدد من أصحاب الفكر الوطني من سباتهم وبدؤوا تشكيل أحزاب وتكتلات سياسية لطالما حلموا بها. وفي ظل الثورة السورية، ظهر كثير من التكتلات والأحزاب والتيارات والحركات المعارضة لسلطة الأسد؛ منها ما استمر في نشاطه وكوّن حوله قوة استمدها من جناحه العسكري؛ وكانت جُل هذه الحركات منسوبة إلى الإسلام السياسي والجهادي، ومنها ما فقد بريقه في السنة الثانية والثالثة للثورة بسبب سيطرة الحركات الإسلامية بشقيها الجهادي والسياسي على المشهد السوري. وفي هذه الدراسة سنٌصنّف هذه الأجسام من حيث فعاليتها إلى أربعة أصناف، وسنفند كل صنف من حيث المرجعية والتكوين والأهداف التي شُكل من أجلها. 
التصنيف العام: 
يمكن تصنيف التكتلات والأحزاب والحركات الإسلامية التي نشطت خلال الثورة السورية في أربعة أقسام وهي: 
أولًا- الحركات الإسلامية الوسطية: 
   في ظل ظهور بعض الأجسام الإسلامية المتشددة، وبخاصة الجهادية منها، كان لا بد من وجود أجسام تحمل فكرًا وسطيًا معتدلًا في محاولة لمنع انتشار ثقافة العنف والقتل التي ظهرت في المجتمعات الإسلامية من خلال التيارات والحركات الراديكالية التي غزت بأفكارها المتطرفة عقول الشباب، وزجت بهم في صراعات لا ناقة للإسلام فيها ولا جمل، وسهلت على أعداء الإسلام لصق تهمة الإرهاب به. ويمكن أن نقول إن بعض هذه الحركات التي أُنشئت في عهد الأسد الأب والابن جرى التغاضي عنها في إطار خطة شاملة للسيطرة على المجتمع السوري تحقيقًا لمقولة “الدين أفيون الشعوب”. ولهذا اختُرقت هذه الأجسام وجُنّدَ أغلب قادتها من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون، ومن ثم استخدمت فيما بعد في ترويج أفكار هدامة لا تخدم مصلحة الثورة السورية والشعب السوري؛ بل كانت المُسوّق لإعادة إنتاج الأسد ونظامه. وتتضمن هذه الأجسام خمسة من التيارات والحركات والجماعات التي ظهر نشاطها في أثناء الثورة السورية وهي: 
1 – التيار الإسلامي الديمقراطي المستقل: 
كانت بداية ظهور هذا التيار إلى العلن عام 2005 عبر التحالف الوطني لإعلان دمشق للتغيير الوطني، ووقع ممثلوه هيثم المالح وجودت سعيد على الميثاق الأساس للإعلان، وشارك في انتخابات هيئة المجلس والأمانة العامة لإعلان دمشق ومثله آنذاك غسان النجار وأحمد طعمه وياسر العيتي. وكان للمهندس غسان النجار زعيم التيار في الداخل دورًا في الدعوة إلى الثورة على نظام الأسد الابن. كان من أهم مبادئ التيار ترسيخ نظام الشورى في النظام السياسي، مع الاعتقاد أن هذا المصطلح مفهوم سياسي لا يحمل أي فكر عقائدي. ويعد التيار نفسه من الناحية التنظيمية تيارًا اجتماعيًا لا حزًبا ولا تكتلًا ولا جماعة ولا حركة، كبقية مكونات الأجسام السياسية السورية الأخرى، ويتفرد في خاصية ابتعاد أعضائه عن الأفكار الأيديولوجية، وينادي بالدولة المدنية الديمقراطية ذات المرجعية الإسلامية، ويدعو الشعب السوري من مختلف أطيافه إلى الانضمام إليه. وفي 2010 أرسل التيار الإسلامي الديمقراطي  مبادرة علنية إلى الرئيس السوري تدعو إلى مصالحة وطنية، وتشمل في مرحلتها الأولى إلغاء القانون (49) الذي يقضي بإعدام كل منتسب إلى الإخوان المسلمين، والسماح لكافة المهجرين بالعودة إلى البلاد(1). 
شارك التيار في المجلس الوطني السوري بصفته أول جسم سياسي يمثل الثورة السورية، لكن سرعان ما خبى بريقه ونشاطه تحت تأثير تفرد قيادته بالقرار وتغليب المصالح الشخصية على مصلحة التيار، بل حتى على مصلحة الثورة؛ وهذا ما ظهر جليًا في الدور السلبي الذي لعبه أحمد طعمة في مؤتمرات آستانة وسيل التنازلات التي قدمها بالتحالف مع شركائه في تلك المؤتمرات. 
2 – جماعة زيد: 
أسست الجماعة في دمشق في أربعينيات القرن المنصرم على يد الشيخ عبد الكريم الرفاعي، وكان عملها محصورًا في الدعوة والإرشاد طوال حكم آل الأسد. وتنتمي جماعة زيد إلى التيار الصوفي الدمشقي. وعند اندلاع الثورة السورية انحاز قادة الجماعة إلى المتظاهرين ووجهوا اللوم إلى النظام في تعامله مع الشعب الثائر؛ وانخرطت الجماعة من مركز عملها في إسطنبول التركية في العمل الإغاثي والدعوي، وانخرط كثير من المنتسبين إلى الجماعة في العمل المسلح في عدد من فصائل الثورة السورية، بخاصة في دمشق وريفها. وكانت الجماعة تسيطر على فصيل الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام في دمشق وحلب، وأسست الجماعة موقعًا إلكترونيًا خاصًا بها مهمته دعم الثورة السورية ونشر الفتاوى بشأنها. 
كما ظهر عدد من التكتلات والأحزاب والتيارات والجماعات السياسية في أثناء الثورة السورية حاولت بجهد مضن الانخراط في التوليفة السياسية للمعارضة، لكنها فشلت في الاستمرار نتيجة عدم وجود رؤية حقيقية مستدامة لهذه الأجسام، وبسبب الصراع بينها وبين جماعة الإخوان المسلمين التي تعد نفسها الممثل الوحيد للتيارات الإسلامية المعتدلة؛ على الرغم امتلاكها جناحًا عسكريًا لديه أضخم ترسانة أسلحة في الثورة، إضافة إلى عدد من الفصائل العسكرية المسلحة. ومن هذه الأجسام التيار الوطني السوري الذي أُسس في القاهرة في أواخر 2011، وجمع عددًا من الشخصيات سرعان ما فضلت تحقيق مصالحها الخاصة على مصلحة التيار والثورة، كما ظهرت حركة نماء الإسلامية التي لم تستطع الانخراط في العمل المسلح، ما أدى إلى اضمحلال دورها تدريجيًا ولم يعد لها الآن أي نشاط يذكر. وظهر التجمع الثوري الموحد الذي يحمل النهج الإسلامي لبناء مستقبل المجتمع السوري بعيدًا عن الاصطفافات الحزبية أو المصالح الضيقة، ومن أهم أهدافه العمل على تعزيز دور قوى الثورة المسلحة وتوحيدها؛ إلا أن هذه الحركة لم تستمر طويلًا وتلاشى صوتها على الساحة الثورية.            
يطلق على أي جسم سياسي أو دعوي مصطلح جماعة جهادية نتيجة وجود جناح مسلح في هيكله التنظيمي حتى لو ادعى أنه تيار وسطي دعوي سياسي، وتُقسم هذه الجماعات من حيث المرجعية العقدية إلى قسمين: 
ثانيًا- الجماعات الإسلامية ذات الأذرع المسلحة: 
– جماعة الإخوان المسلمين: 
تعد الجماعة من أعرق الجماعات الإسلامية السورية تاريخًا، كما أن نشاطها العسكري لا يخفى على أحد؛ فجناحها العسكري المسمى الطليعة المقاتلة له باع الطويلة في مقارعة نظام الأسد ميدانيًا في ثمانينات القرن الماضي. لكن قيادة التنظيم لم تستمر في نهج جناحها العسكري وسعت إلى عقد صفقات مع نظام الأسد الأب ومن ثم الابن، إلا أنها لم تنجح في عقد أي اتفاق معه على مر تاريخ الصراع بينهما، حتى محاولتها الجادة في بداية اندلاع الثورة السورية عبر وسطاء من حركة حماس باءت أيضًا بالفشل ولم يقبل الأسد حتى بفتح قنوات نقاش مع الجماعة. رغم محاولات إيران الدخول على خط الاتصالات بين الجانبين، التي تربطها علاقات وثيقة مع تنظيم الإخوان العالمي، لكسر جبل الجليد الفاصل بين الأسد الابن وأعدائه التقليديين، وهذ ما انعكس باتسام موقف الجماعة بالحذر والإحجام عن المشاركة بقوة في الثورة منذ بدايتها، ولم تصدر بيانها الرسمي الأول دعمًا للثورة إلا في أواخر أبريل/ نيسان.(2) 
يُعدّ التنظيم من أكثر التيارات فعالية في الثورة إغاثيًا وسياسيًا وعسكريًا، ويتصدّر أغلب المؤسسات الإغاثية في داخل وخارج سورية. ومن الجانب السياسي تعد مؤسسات الثورة الرسمية تحت هيمنة الجماعة بشكل كبير، ولا يمكن اتخاذ أي قرار مصيري يتعلق بمستقبل الثورة إلا بموافقة الإخوان عليه. أما من الناحية العسكرية، فيمكن أن نقول ومنذ بداية الثورة إن الجماعة لم يكن لديها أي فصيل خاص بها، وانحصر عملها في تقديم الدعم المشروط لكثير من فصائل الجيش الحر، وكان جُل دعمها يذهب إلى فصيل “هيئة دروع الثورة” الذي سرعان ما تلاشى عندما شكل فصيل “هيئة حماية المدنيين” الذي يرأسه نذير الحكيم ويديره منذر سراس وهيثم رحمة. وفشل الفصيل في تحقيق أي تقدم إيجابي على الأرض، كما فشل في فك الحصار عن مدينة حمص القديمة. بعد ذلك اعتمد الإخوان المسلمون على تشكيل “فيلق الشام” الذي يعد الآن الجناح العسكري للجماعة، وانخرط قادته في مفاوضات آستانة وسوتشي. ومن أهم السمات التي ميّزت الجناح العسكري للإخوان المسلمين عدم الإفصاح عن الأسلحة والذخيرة المستلمة من الخارج، لأسباب فسرها أحد قيادات الإخوان أنها  إجراءات تحضير لمرحلة ما بعد إسقاط النظام؛ الأمر الذي قد يفسر استيلاء عصابات الأسد على كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة بعد انسحاب فصائل الثورة من المناطق المحررة. 
– التيارات السلفية: 
يعد الحديث عن التيارات السلفية في سورية حديث العهد، على الرغم من وجود أفكار هذه التيارات على الساحة الدينية السورية عبر بعض العلماء أو الدعاة الذين نشؤوا في كنف الإخوان المسلمين، أو ممن كانوا قريبين من تيارهم السلفي المتمثل في محمد سرور زين العابدين. وتتفرع التيارات السلفية في سورية إلى فرعين رئيسين كل له رؤيته الخاصة وكلاهما على خلاف دائم مع الآخر وهما: 
أ – السلفية المحلية (الحركية): 
خلال العقدين الماضيين بدأ انتشار الفكر السلفي بين الشباب السوري بصورة منظمة وهادئة وبعيدة عن أعين السلطة؛ على الرغم من التضييق الكبير على هذا التيار من المخابرات السورية عن طريق حظر تداول الكتب السلفية وملاحقة من يثبت انتماؤهم إلى هذا التيار واعتقالهم. ولم يكن لهذا التيار وجود ملموس قبل الثورة، إلا أن تحول الثورة إلى العسكرة ساهم كثيرًا في إظهار هذا التيار إلى العلن. وساعد على ذلك فراغ الساحة السورية من تيارات إسلامية تدعو إلى العمل المسلح ضد نظام الأسد في ظل المجازر التي ارتكبتها عصابات الأسد والميليشيات الطائفية ضد الشعب السوري، ما خلق مبررًا قويًا للشباب العاجز عن الدفاع عن أرضه وعرضه لينتسب إلى هذا التيار، إضافة إلى وجود نواة وأرضية خصبة من المنتسبين إلى هذا التيار الذين لعبوا دورًا مهمًا في تفعيل هذا الفكر وتبنيه وتنظيمه، فضلًا عن الدعم اللامحدود الذي قدمه داعمو هذا التيار من خارج سورية، وانحصر في المنظمات والمؤسسات الإغاثية والفصائل المسلحة. وكان أبرز هذه الكيانات: 
1 – الجبهة الإسلامية: 
تعد الجبهة الإسلامية أكبر تشكيل عسكري وسياسي وفكري ظهر في الثورة السورية، ويعود تأسيسها إلى عام 2013، وتعد تلك مرحلة متقدمة بالنسبة إلى باقي الأجسام العسكرية والسياسية والفكرية التي عاصرت الثورة السورية. كما تعد الجبهة أول مشروعٍ متكامل العناصر، نظريًا على الأقل، يطرح رؤية واضحة ومعلنة خلال الثورة لشكل سورية المستقبلية حسبما يراها، كما أنه يأخذ في الحسبان مختلف جوانب العمل العسكري والاجتماعي والسياسي في سبيل تحقيق رؤيته. جمعت الجبهة عددًا كبيرًا من الفصائل الإسلامية ذات التوجه السلفي، وضمت في صفوفها فصائل جيش الإسلام، وأحرار الشام، وصقور الشام، ولواء التوحيد، ولواء الحق، والجبهة الإسلامية الكردية، وأنصار الشام. أكد الهدف الرئيس المعلن في ميثاق الجبهة على إسقاط نظام الأسد وبناء دولة إسلامية تكون السيادة فيها لشرع الله مرجعًا وحاكمًا وناظمًا وموجهًا لتصرفات الفرد والمجتمع(3). ومن أهم ما يميز الجبهة تأجيلها الحديث عن فكرة إقامة الخلافة الإسلامية؛ الأمر الذي يدل بوضوح على الأبعاد الوطنية للصراع مع نظام الأسد، مع التأكيد على الامتداد الإسلامي للدولة المنشودة، وهذا ما يميزها عن تيارات تنظيم القاعدة ويدعونا إلى توصيفها بتيار سلفي جهادي محلي. وفي بداية عام 2015 حلّت الجبهة نفسها بعد أن انسحب منها صقور الشام، أحد مكوناتها الرئيسة. ومن اللافت أن هذه الجبهة، وعلى الرغم من توجهها السلفي الجهادي الوطني، لم تصنف حتى الآن على قوائم الإرهاب الأميركية.  
2 – جبهة الأصالة والتنمية: 
أُعلن عن جبهة الأصالة والتنمية في أواخر عام 2012 في تركيا، وتعد ثاني أكبر جسم إسلامي يتبنى فكر السلفية الجهادية المحلية. تتكون الجبهة من ذراعين؛ الأول مدني (إغاثي- دعوي)، والآخر عسكري. وتحمل الكتائب العسكرية المنضوية تحت راية الجبهة الفكر المعتدل الوسطي من دون تشدد، الذي يحفظ حقوق الجميع حسب البيان التأسيسي للجبهة، ويهدف إلى أن يكون درعًا للوقاية من أي غايات سيئة أو مصالح شخصية تكون سببًا لتداعياتٍ في المستقبل لا تخدم المصلحة الوطنية. كما شدد بيان تأسيسها على أن بناء الإنسان الحر والواعي مسؤولية كبيرة وضمان بناء المجتمع السوري في سورية المستقبل، عادًا أنهم دعاة تقدم وحضارة إنسانية، وأن قيم العدل والتسامح والتعايش المشترك هي بوصلة عمل الجبهة (4). وتعد المنطقة الشرقية، وبخاصة مدينة دير الزور، المركز الرئيس للجبهة، ومع انتشار فعاليتها المدنية والعسكرية على كامل المناطق المحررة، انخرطت الجبهة في معارك شرق الفرات وباتت جزءًا من الجيش الوطني. 
3 – تيار السلفية الإصلاحية: 
وهناك تيار وحيد للسلفية الإصلاحية الشامية أُسس في نهاية القرن التاسع عشر وظهر في الثورة بشكل خجول، وبرهن على أنه لا يمت بصلة إلى فكر السلفية الإصلاحية الشامية الذي أطلقه الرواد الأوائل من هذا التيار، أمثال الشيخ جمال الدين القاسمي والشيخ محمد رشيد رضى، عبر تبنيه الديمقراطية والبراغماتية في معالجة القضية السورية أكثر من الديمقراطيين وربما أكثر من (جون ديوي)، أحد مطلقي مصطلح البراغماتية في العالم. ولم يكن لهذا التيار أي فعالية تذكر باستثناء نشاط بعض مريديه أمثال معاذ الخطيب، أبرز الشخصيات التي أعادت إحياء أكثر أذرع هذا التيار أهمية، المتمثلة في (جمعية التمدن الإسلامية) التي أسسها أحمد مظهر العظمة عام 1932. وقد أعيدت الحياة إلى هذه الجمعية في بداية الثورة بناء على تعليمات واتفاق بين معاذ الخطيب وتجار دمشق المؤيدين للأسد عبر موقعٍ إلكتروني خاص يديره ويشرف عليه أحمد معاذ الخطيب، وهو موقع “دربنا” الذي يتبنى خطابًا إسلاميًا يصفه بالوسطي وفق فهم السلف الصالح(5). ولم يكن لمعاذ الخطيب مرجعية واحدة واضحة على الرغم من تسلمه إدارة المؤسسة الوحيدة التي تمثل الثورة، وذهب بعيدًا في طروحاته التي تتماهى مع طروحات المحتل الروسي وغيره عبر إطلاقه شعار “ستشرق الشمس من موسكو” ضمن إطار مشاريعه الخاصة التي لا أعتقد أن للسلفية الإصلاحية الدمشقية أي رضا عنها. كما ظهرت حركة العدالة والبناء التي تحسب على السلفية الإصلاحية ويقودها أنس العبدة، ولكن تواجدها على الأرض شبه معدوم، ولم يكن لهذا التيار مرجعية واضحة المعالم. 
ب – السلفية الجهادية: 
1 – الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش): 
ظهر التنظيم في أيار/مايو من عام 2013، بعد اندماج جبهة النصرة السورية والدولة الإسلامية في العراق فرع القاعدة، وأطلق عليه الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). ولم يكن خافيًا على أحد هدف التنظيم وتوجهه، منذ تشكيله، نحو خلق بيئة ملائمة لجعل سورية مركزًا جديدًا لنمو فكر القاعدة وتأسيس قوتها وخبراتها؛ لتكون منبعًا للجهاد العالمي بدلًا من أفغانستان، وليس إسقاط نظام الأسد أو إقامة دولة إسلامية كما أعلن على وسائل إعلامه. وبحلول عام 2015، أصبح التنظيم مسيطرًا على مساحات واسعة من المناطق المحررة امتدت من مدينة حلب إلى الحدود السورية العراقية مرورًا بمدينة الرقة التي أصبحت مقر قيادة التنظيم، كما سيطر على مدينة دير الزور وعلى جزء كبير من البادية السورية ووصل إلى المشارف الشرقية لمدينة حمص ومشارف ريف دمشق الشرقي وريف السويداء، كما تواجد في حوض اليرموك في الجنوب السوري. وبقي الوضع الميداني على هذا الحال حتى إعلان تأسيس التحالف الدولي لمحاربة (داعش)، الذي ضم 83 دولة؛ إذ بدأت هزائم التنظيم تتوالى إلى أن حوصر في منطقة ضيقة جدًا في الطرف الشرقي من نهر الفرات في منطقة (الباغوز)، وأُعلن عن القضاء على التنظيم من جانب القيادة الأميركية. لكن التنظيم سرعان ما أعاد ترتيب أوراقه وبدأ استراتيجية جديدة في القتال تمثلت في حرب العصابات، وبدأ يظهر في البادية الشامية وعلى أطرافها. واللافت أن قوى التنظيم بدأت تتصاعد يومًا بعد يوم في تلك المنطقة عن طريق العمليات التي يقوم بها ضد القوات السورية والإيرانية والروسية المتواجدة في تلك المنطقة، وصولًا إلى قيامه بعمليات ضد قوات (قسد)؛ ما يدل على أن التنظيم لم يهزم بصورة كاملة كما أعلن الأميركان، وبات الآن خطره أكبر بكثير من خطره في أثناء سيطرته على مساحات واسعة في سورية، حيث اعتمدت محاربته آنذاك على القتال على الجبهات، الأمر الذي سهل عملية استهداف قواته وعناصره، بينما هناك الآن صعوبة كبيرة في محاربته إذ يتحرك عناصره كالأشباح بشكل غير منتظم وفي مناطق غير متوقعة وفي أوقات لا يمكن التنبؤ بها.     
2 – هيئة تحرير الشام (النصرة): 
تعد جبهة النصرة من أوائل التنظيمات السلفية الجهادية التي انخرطت في الثورة السورية، إذ بدأت عملها المسلح مبكرة في أواخر عام 2011 وأعلن رسميًا عن تشكيلها وتسميتها (جبهة النصرة) في كانون الثاني/يناير 2012. كانت الجبهة منذ بدايتها ذراع تنظيم القاعدة في سورية، إذ شارك في تأسيسها المعروف بـ(الجولاني)، إضافة إلى ست شخصيات جهادية خرج معظمها من سجون الأسد والمالكي؛ وهم السوريان صالح الحموي وأنس خطاب، والعراقي أبو ماريا القحطاني، والأردنيان الفلسطينيان مصطفى عبد اللطيف بن صالح المكنى بـ(أبي أنس) وإياد الطوباسي ويكنى بـ(أبي جليبيب)، والفلسطيني أبو عمر الفلسطيني. وفي بيانها الأول دعت الهيئة إلى حمل السلاح ضد النظام السوري(6)، وتعد جبهة النصرة الفرع الثالث لتنظيم القاعدة العالمي بعد تنظيم أفغانستان وتنظيم العراق، وهي أقل تطرفًا من التنظيمين الآخرين؛ حيث تميل في توجهاتها إلى تنظيم مؤسسات الجبهة بشكلها المدني. ويمكن عد جبهة النصرة نموذجًا مطورًا من فكر القاعدة استخدمه (الجولاني) في محاولته الناجحة استقطاب أكبر عدد ممكن من الفصائل ذات الطابع الإسلامي للسيطرة على المشهد العام في معظم المناطق المحررة، ونجح في ذلك إلى أبعد الحدود. وأعتقد أن الدليل على ذلك ما نشاهده الآن عبر بسط نفوذ هيئة تحرير الشام (النصرة) على جزء كبير من المحرر بعد أن استطاعت توفير كثير من الإمكانات المادية والقتالية، في حين فشلت فصائل أخرى كثيرة في الاستمرار في محاربة نظام الأسد لأسباب عدة؛ مثل توقف الدعم وحصره في بعض الفصائل الجهادية التي كانت منها النصرة، ساعد الحصار الذي فرضه الأسد وداعموه والتنظيمات الجهادية منها (داعش) وهيئة تحرير الشام وغيرها في إضعاف الفصائل التي ما زالت قادرة على قتال الأسد وميليشياته. وبهذا يمكن أن نقول إن مخطط مسيرة النصرة ومن ثم هيئة تحرير الشام يدل على أن هذا التنظيم أسس لهدف واضح تمامًا وهو مساعدة الأسد في تفكيك فصائل الجيش الحر؛ وبالتالي سحب القوة الضاربة من الثورة والسيطرة على قرارها العسكري بعد السيطرة على القرار السياسي بهدف إجبار الجميع على مصالحة الأسد ونظامه. 
3 – تشكيلات سلفية جهادية أخرى: 
ظهرت على الساحة السورية أيضًا تنظيمات كثيرة تؤمن بالفكر السلفي الجهادي العالمي، لكنها لا ترتبط بتنظيم القاعدة؛ غير أن معظم هذه التشكيلات اندثرت وتفككت وتناثر عناصرها وقادتها وانصهروا في الفصائل التي ما زالت موجودة حتى الآن. من هذه التشكيلات حركة الفجر الإسلامية التي يقودها عبد المنعم مصطفى حليمة الملقب بـ(أبي بصير الطرطوسي)، ولدى الحركة هيئة شرعية ومكتب دعوي إضافة إلى مجموعات مسلحة كانت منتشرة في ريفي حلب وإدلب، كما ظهر في نهاية عام 2012 تنظيم باسم (مجلس شورى المجاهدين)، وهو أيضًا غير مرتبط بالقاعدة وما زال فاعلًا حتى الآن، كما ظهر تنظيم جيش الصحابة وجند الشام. سرعان ما تفككت هذه التنظيمات، ولعل أبرز تشكيل جهادي غير مرتبط بالقاعدة ظهر في الثورة السورية هو حزب التحرير بشقيه الدعوي والعسكري، الذي حمل اسم جيش الخلافة الإسلامية.           
ثالثًا – الأحزاب ذات المرجعية الوطنية: 
ظهر في أثناء مراحل الثورة كثير من الأحزاب والتيارات التي لا تحمل فكرًا أيديولوجيًا دينيًا، ونتيجة التصحر الفكري الذي رافق الشعب السوري ومثقفيه في مرحلة حكم الأسدين الأب والابن، لم يكن لمعظم هذه الكيانات نصيب من النجاح والاستمرار، وما زلنا حتى الآن نرى ولادة حزب هنا وتيار هناك، إلا أن بعض هذه الأحزاب نجح نسبيًا في تحقيق تواجد مقبول على الساحة السياسية السورية. أنشأت هذه الأحزاب تحالفات فترة وجيزة مع التيارات الإسلامية المسيطرة على مؤسسات الثورة؛ لكنها سرعان ما خرجت من هذه المؤسسات نظرًا إلى استحالة العمل مع هذه التنظيمات. وما يميز هذه الأحزاب والتيارات عن الحركات والأحزاب الإسلامية هو عدم انخراط هذه الأحزاب في العمل المسلح، ولم يُشكّل أي جناح عسكري لهذه الأحزاب، ومن هذه التيارات والأحزاب: 
1 – اتحاد الديمقراطيين السوريين: 
أُعلن عن هذا الاتحاد في مدينة إسطنبول في الشهر التاسع من عام 2013، وضم 250 شخصية مثلت طيفًا واسعًا من الشعب السوري الرافض لهيمنة التيارات المتطرفة على قرار الثورة السورية. ويهدف الاتحاد، بحسب تصريح أحد مؤسسيه ورئيسه ميشيل كيلو، إلى العمل على إسقاط بشار الأسد وتأسيس دولة ومجتمع ديمقراطي يتسيدهما القانون والتشاركية لكل السوريين. وكان أحد أهداف تأسيس هذا الاتحاد، بحسب أحد أهم مموليه، أيمن الأصفري، “إرسال رسالة إلى العالم مفادها أن هناك ملايين السوريين الحضاريين المعتدلين والمؤمنين بالديمقراطية والحرية وهم لا يشبهون نظام الديكتاتور الأسد ولا التنظيمات المتطرفة من أي جهة أتت”(7)، وعلى الرغم من الزخم الإعلامي والجهد المبذول لنجاح هذا الجسم واستمراره، لم يلق صدى أو تفاعلًا في الداخل السوري، ولم يستطع حتى الآن تشكيل ما يلبي طموح مؤسسيه أو طموح شريحة كبيرة من الشعب السوري عقدت الأمل عليه، ويمكن أن نقول إنه أقرب التكتلات من فكر أغلب الشعب السوري وتوجهه. 
2 – الهيئة العامة للثورة السورية: 
تعد الهيئة من أوائل الأجسام التي شكلت في الثورة السورية؛ إذ أعلن عنها رسميًا في شهر آب/أغسطس عام 2011 في مدينة إسطنبول. ضمت الهيئة في صفوفها أربعين جماعة سورية معارضة؛ منها اتحاد تنسيقيات الثورة السورية وعدد من التنسيقيات المستقلة وعدد من التجمعات الشبابية. هدفت هذه الهيئة إلى توحيد جهد الناشطين السوريين في الثورة السورية لإسقاط الأسد وبناء دولة حرة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتكفل الحرية والمساواة والكرامة لجميع المواطنين السوريين وفق بيانها الأول(8). من أهم مبادئ الهيئة الالتزام بسلمية الثورة والوحدة الوطنية، والالتزام بهدف الثورة الرئيس وهو إسقاط نظام الأسد وبناء دولة مدنية ديمقراطية وتحقيق تطلعات الشعب السوري في الحرية والمساواة والكرامة واحترام حقوق الإنسان ووحدة سورية أرضًا وشعبًا. وكان للهيئة تأثير واضح في الدعوة إلى التظاهرات واختيار اسم الجمعة؛ إلا أن عسكرة الثورة وسيطرة الفصائل المسلحة على الأرض المحررة أدى إلى اضمحلال دورها في تحريك الشارع والشباب الثائر.   
3 – لجان التنسيق المحلية: 
وهي مجموعة من اللجان الشعبية المحلية ظهرت في المدن والمناطق المحررة. تعد لجان التنسيق المحلية أول جسم ثوري شُكل منذ بداية الثورة والأكثر فاعلية على الأرض عن طريق تنظيمه التظاهرات الأولى في آذار/ مارس 2011، كما كان الأكثر موثوقية في الإعلام بصفته مصدرًا رئيسًا لأخبار الثورة. ضمت لجان التنسيق في صفوفها حوالى سبعين تنسيقية متواجدة على الأراضي السورية وبين الشعب الثائر، ويشكل الناشطون في مجال حقوق الإنسان والصحفيون القسم الأكبر من المنتسبين إلى اللجان، ومن أهم الشخصيات القيادية في هذه اللجان عمر إدلبي وريما فليحان ورزان زيتونة. وتضم اللجان ممثلي الجاليات السورية في دول العالم. عملت اللجان على نشر العصيان المدني بوصفه أحد أهم الأدوات الفعالة في إسقاط الأسد، كما وفرت المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية والقانونية للمناطق الثائرة. بعد توغل الأسد في سفك دماء الشعب السوري دعت اللجان المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف أقوى ضد نظام الأسد، مع الاعتراف بدور الجيش الحر الذي ناشدته اللجان التوقيع على مدونة سلوك تُرسّخ المبادئ الأخلاقية والسياسية للعمل العسكري. وقدمت اللجان أيضًا الدعم اللوجستي والتكنولوجي للجيش الحر، إضافة إلى المعلومات الاستخباراتية بما يخص نشاطات نظام الأسد وتحركات جيشه وأماكن وجوده(9). شاركت اللجان في المجلس الوطني وفي الائتلاف الوطني السوري، وتراجع دورها كباقي الأجسام الوطنية، بعد سيطرة الفصائل المسلحة على الأراضي المحررة ولم يبق لها نشاط سوى المشاركة في هياكل مؤسسات الثورة.   
4 – المجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية: 
أُسس المجلس الأعلى لقيادة الثورة في أيلول/سبتمبر عام 2011، وضم في صفوفه حوالى أربعين مجلسًا محليًا في المناطق الثائرة، وعمل منذ بدايته على تنظيم التظاهرات وتأمين الدعم اللوجستي للمناطق الثائرة. لكن توغل الأسد وعصاباته في دماء الشعب السوري أجبر المجلس على تقديم الدعم اللوجستي والمالي للجيش الحر. من أبرز الشخصيات التي قادت المجلس من الطبقة الوسطى من المجتمع من أكاديميين ومهنيين حسين السيد وسليمان خالد الحراكي وياسر النجار ومحمد سعيد سلام وداود سليمان وواصل الشمالي. يحتوي المجلس على المكتب السياسي والمكتب الخدمات ومكتب الدعم اللوجستي والمكتب الإغاثي، لكنه يفتقر إلى العمل الإعلامي المنظم كباقي الأجسام التي ظهرت في الثورة؛ ولهذا ليس معروفًا على نطاق واسع شعبيًا. كان المجلس من الأعضاء المؤسسين للمجلس الوطني، ويعد الأكثر تمثيلًا بين المنظمات الشعبية المدنية في سورية، كما شارك في تشكيل الائتلاف الوطني، لكن أغلب ممثليه استقالوا منه. 
5 – الحزب الوطني للعدالة والدستور (وعد): 
ظهر الحزب إلى العلن عام 2013 بوصفه حزبًا وطنيًا يعمل على ترسيخ مبادئ الحرية والعدالة بالوسائل الديمقراطية بحسب بيان التأسيس، وكباقي الأحزاب الوطنية. تبنى الحزب مفهوم الحرية والكرامة والمواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات والفصل بين السلطات، ويظهر توجه الحزب من خلال تبنيه نهج الإسلام الوسطي من حيث احترام ثوابته العقائدية ورفض ما يخالف الشريعة الإسلامية. وعلى الرغم من طرحه هذه المبادئ، لم يبعده ذلك عن الإخوان المسلمين الذين شاركوا في تأسيسه، ويعده منظروهم كزهير سالم واجهة مطورة للجماعة، على الرغم من نفي الجماعة علاقتها بهذا الحزب. 
6 – حزب الجمهورية: 
حزب الجمهورية – سورية 
أُعلن عن الحزب في نهاية مؤتمره التأسيسي عبر بيان صدر في إسطنبول بتاريخ 17 نيسان/ أبريل 2014، في دلالة رمزية على عيد جلاء المستعمر الفرنسي عن الأراضي السورية، الأمر الذي يعتبره مؤسسي الحزب مؤشرًا واضحًا على الصبغة الوطنية التي شُكل على أساسها هذا الحزب، وبالتالي يعتبر هذا الحزب من الأحزاب الوطنية الديموقراطية. وعبر البيان التأسيسي للحزب أوضح المجتمعون موقفهم بجلاء من السلطة الحاكمة في سورية، ورأوا فيها سلطةً استبداديةً فَرضَت على شعبنا واقعًا مريرًا عبر عقود من الزمن، وثقافةً غريبةً وهدامةً شوهت لوحته الوطنية الجميلة المتجانسة، ومزقت نسيجه الاجتماعي، وأحدثت شرخًا في قيمه الدينية المبنية على التسامح، ووأدت الروح الوطنية الوثابة في عقله ووجدانه، وفرضت عليه بالإكراه شعاراتٍ وخطاباتٍ وممارساتٍ طائفية وشوفينية، ومفاهيم جوفاء استهلكها الزمن وأثبت الواقع زيفها وبطلانها، وأكَّد المجتمعون أيضًا على استلهام قيم الحرية والكرامة التي أطلقتها ثورة الشعب السوري ضد النظام الاستبدادي، التي تشكّل أهمّ حدث في تاريخ سورية الحديث والمعاصر، على الرغم من المآسي المحيطة(10)، تعاقب على قيادة الحزب منذ تأسيسه شخصيتان أولهما المحامي محمد صبرا والثاني مضر الدبس. 
الحزب الجمهوري السوري: 
يعتبر الحزب من الأحزاب الوطنية السورية الذي أُعلن عن تأسيسه على غرار الحزب الجمهوري الأميركي في 22 حزيران/ يونيو 2014، في مدينة إسطنبول، وصدر عن المؤتمر التأسيسي للحزب بيان تضمن التعريف بالحزب وأهدافه ومبادئه التي تمحورحول إيمان مؤسسي الحزب بالديموقراطية كمنهج وأسلوب حياة، وإيمانهم أيضًا بالدولة المدنية التعددية، وانتخبت السيدة مرح البقاعي رئيسًا للحزب، ومن أعضائه المؤسسين المحامي صلاح السليمان والمحامي أحمد اليوسف وجمال شحود ورامان كنجو وعبد السلام مبروك وغيرهم(11). 
تيار الغد: 
أُسس في القاهرة عام 2016، ويحوي تيار مسلح يسمى “جيش النخبة”، يعمل ضمن “قوات سوريا الديمقراطية”، من أهم قادته أحمد الجربا وعلي الجربا ومنذر أقبيق وأحمد عوض وغيرهم ممن يحسبون على منصة القاهرة، عمل التيار على التعاون مع روسيا. 
حزب الشعب الديموقراطي السوري: 
يعتبر من أقدم الأحزاب السورية المعارضة لحكم الأسد، انشق عن الحزب الشيوعي السوري عام 1969، ليتم تسميته الحزب الشيوعي، لكنه بدّل اسمه مرة أخرى عام 2005 وأصبح حزب الشعب الديموقراطي بعد تخليه عن التزاماته الإيديولوجية الماركسية – اللينينية وتوجهه نحو الديمقراطية الاشتراكية، انحاز إلى ثورة الشعب السوري وانضم إلى المجلس الوطني من خلال مشاركته في إعلان دمشق، ودعا إلى التدخل الخارجي وتسليح فصائل الثورة المسلحة، من أبرز قادته رياض الترك، إبراهيم بكري، عمر قشاش وجورج صبرا، الذي أصبح رئيسًا للمجلس الوطني السوري المعارض. 
المنظمة الآثورية الديمقراطية: 
المنظمة الآثورية الديمقراطية : ترتيب البيت الداخلي الكوردي السوري مهم  للنهوض بحوار وطني | ARK News 
هي منظمة سياسية سورية تسعى لتمثيل الآشورين/ السريان في مناطق تواجدهم، وبخاصة في سورية وأوربا، أسست عام 1957، تركز تواجدها في الجزيرة الفراتية، وهي منظمة محظورة في الداخل السوري، في بداية الثورة دعا قيادييها بشار الأسد إلى التنحي، ووقعوا على إعلان دمشق، ومن أبرز قادتها  كبرئيل موشي كورية(12). 
حزب آزادي: 
حزب آزادي الكردستاني يندد باستمرار اعتقال سكرتيرهم - مؤسسة نودم الاعلامية 
يعتبر من أوائل الأحزاب السورية المعارضة، أسسه نور الدين ظاظا عام 1957، ويقوده الآن مصطفى جمعه، وهو حزب محظور من النشاط داخل سورية، وزجت قياداته في سجون الأسد مرات عديدة، أهدافه رفع الاضطهاد القومي والتمييز العنصري عن الأكراد، وحق تقرير مصيرهم في سورية،  وتحقيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في سورية. يؤمن بقيام دولة سورية ديمقراطية علمانية، كما يؤمن بحل القضية الكردية عبر النضال السياسي(13).  
 رابعًا – تشكيلات المعارضة (الرخوة): 
يطلق على التشكيلات المعارضة الرخوة كناية عن تماهيها مع بعض رؤى نظام الأسد، ويجمع بين هذه التشكيلات التوجه اليساري المتشدد تجاه الثورة السورية، ولا تؤمن بالتغيير الجذري للنظام، وترفض العمل المسلح ضده، وقد شارك كثير من قيادات هذه التشكيلات في حكومات الأسد ويجمعها مع النظام إضافة إلى ما ذكرناه رفضها قطعيًا وصول أي حركة إسلامية إلى الحكم في سورية، ومن أهم هذه التشكيلات: 
1 – الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير: 
تأسست الجبهة في تموز/يوليو عام 2017 في حضور الحزب القومي السوري الاجتماعي واللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ومجموعة من الشخصيات المستقلة أمثال نزار ديب ومحمد غفر وإبراهيم اللوزة. وأعلن في البيان الختامي عن مجموعة من الأهداف والرؤى التي تؤمن بها الجبهة ومنها: رفض التدخل الأجنبي، والاكتفاء بإجراء إصلاحات جذرية في سورية للحفاظ على الوحدة الوطنية، والعمل على التغيير الاقتصادي والاجتماعي في بنية النظام الأساسية، واستئصال الفساد. كما دعت الجبهة إلى إزالة المظاهر المسلحة وحصار المسلحين عبر التحالف مع الجيش السوري للوصول إلى مخرج آمن عن طريق طاولة الحوار الوطني. وشاركت الجبهة في حكومات الأسد المتعاقبة بحقائب وزارية غير أساسية. 
2 – هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديمقراطي: 
أعلن عن تأسيس هيئة التنسيق في دمشق في تاريخ 30/ 8/ 2011 من خلال مجموعة من الأحزاب وهي: 
حزب الاتحاد السرياني 
حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي 
حزب العمل الشيوعي السوري 
الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي 
حزب البعث الديمقراطي العربي الاشتراكي 
تجمع اليسار الماركسي 
حركة معًا من أجل سورية حرة ديمقراطية 
الحزب اليساري الكردي في سورية 
حزب الاتحاد الديمقراطي 
الحزب الديمقراطي الكردي في سورية 
الحزب الديمقراطي الكردي السوري 
حركة الاشتراكيين العرب(14). 
إضافة إلى عدد من الشخصيات المستقلة، من بينها أحمد العسراوي ومنصور الأتاسي وعارف دليله ومنذر خدام وغيرهم، كان الهدف من هذه الهيئة وبحسب البيان الختامي للمؤتمرين توحيد جهد المعارضة الداخلية والخارجية ودعم الانتفاضة الشعبية والعمل على استمرارها حتى تحقيق أهدافها في التغيير الديمقراطي. وكان للهيئة موقف ميزها عن تشكيلات المعارضة بمطالبتها إطلاق حوار جاد بين السلطة وممثلي الشعب الثائر بعد توفر الشروط الملائمة المتمثلة في: 
– وقف الخيار العسكري والأمني والإفراج عن المعتقلين السياسيين كافة 
– محاسبة المسؤولين عن القتل وإطلاق النار على المعتقلين 
– تشكيل لجنة تحقيق مستقلة 
– رفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية في البلاد 
– الاعتراف بحق التظاهر السلمي 
– إلغاء المادة الثامنة من الدستور 
وكان من أبرز الشخصيات التي حضرت المؤتمر في الداخل حسن عبد العظيم وحسين العودات وعارف دليلة وفايز ساره وميشيل كيلو وحازم نهار، ومن خارج سورية برهان غليون وسمير عيطة وزكريا السقال ورامي عبد الرحمن وهيثم المناع وهيثم المالح(15). ومن أهم مواقف الهيئة معارضتها بشدة تسليح الجيش الحر والمطالبة بالنضال السلمي والسياسي لتحقيق أهداف الثورة والمعارضة في إسقاط بشار الأسد. 
3 – تيار بناء الدولة: 
أُسس التيار في 10 أيلول/ سبتمبر 2011، ونادى باللاعنف والوحدة الوطنية والتفاوض من أجل انتقال سلمي إلى الديمقراطية، ورفض تسليح المعارضة والتدخّل العسكري الخارجي، ومع أنه لا يسعى إلى الإطاحة بنظام الأسد بشكل كامل، يرفض الحوار معه طالما أن القوات الحكومية تواصل عملياتها العسكرية ضدّ المعارضة، كذلك يركّز تيار بناء الدولة على وضع برنامج سياسي واقتصادي لسورية ما بعد الأسد، يترأس التيار لؤي حسين ومن أعضائه المؤسسين: منى غانم وبهاء الدين ركاض وحسن كامل، ومن أهم مبادئه ترسيخ الديمقراطية والحكم الرشيد، وضمان العدالة الاجتماعية والمساواة، وإجراء إصلاحات اقتصادية ليبرالية جديدة، والتأسيس لعملية سياسية شاملة، وضمان حرية التعبير وتنظيم المجتمع المدني. يعتبر التيار أن الائتلاف غير قادر على خدمة مصالح الشعب السوري كما ينبغي، كما يختلف عن المجموعات المُعارِضة الأخرى في إصراره على ضرورة أن يتوصّل السوريون وحدهم إلى حلّ للأزمة من دون أي تدخّل خارجي(16). 
وهناك الكثير من الأحزاب والتيارات التي برزت مع بداية ثورة الشعب السوري، أغلبها لا يتجاوز عدد أعضائها العشرة أفراد، ومنها من انخرط في مؤسسات الثورة مثل “حركة العمل الوطني من أجل سورية”، و”الحزب السوري الديمقراطي الموحد” الذي أسس في إيطاليا عام 2011، واعتقل العديد من كوادره ويقوده أحمد يمان سعودي، ومنها مازالت مكاتبه مشرعة في دمشق، ومنها حزب “الأنصار” ويقوده يعمر الزوني، وحزب “سوريا الوطن”، وحزب “الشباب الوطني”، وحزب “التضامن العربي الديموقراطي”، وحزب “التنمية الوطني” وأمينه العام إيناس الجمال، و”حزب الطليعة الديموقراطي”. 
خاتمة: 
خلاصة القول، وبعد استعراض هذه التكتلات والأحزاب والهيئات وظروف نشوئها وطرق طرحها أهدافها وآليات عملها والمقاربة بين طروحاتها النظرية وممارساتها العملية، يمكن أن نقول إن الساحة السورية ما زالت خالية من أحزاب تستطيع أن تقنع العالم، وبخاصة أصحاب القرار، وفي الوقت نفسه تلقى الحد الأدنى من توافق النخب السياسية السورية حولها والرضى الشعبي عن أدائها؛ فالثمن الذي دفعه الشعب السوري مقابل حريته لم ترتق له الأحزاب والحركات والجماعات على مختلف مشاربها، وهذه هي المعضلة الرئيسة التي تواجه الثورة السورية في تحقيق أهدافها المتمثلة في إسقاط نظام الأسد وإقامة دولة مدنية ديمقراطية يسودها القانون ويتساوى فيها المواطنون بالحقوق والواجبات. وبعد ظهور هذه التكتلات والأحزاب يبقى السؤال الكبير: هل كان ظهور هذه الأجسام في أثناء الثورة وإفشال الأجسام الوطنية منها فخًا محكمًا لإعادة إنتاج الأسد ونظامه، وللقضاء على التيارات الوطنية ورجالاتها واستبدال أجسام مريضة بها، لم يعبر كثير منها منذ نشأتها عن الشعب السوري وتطلعاته المشروعة في الحرية والكرامة والدولة الديمقراطية، أم أن ما سعى إليه الأسد الأب ومن بعده الأسد الابن تحقق نتيجة نجاحهما في محاصرة الطبقات السياسية السورية وإيجاد بيئة سورية من أبرز سماتها التصحر السياسي والفكري والتنظيمي؟   
هوامش: 
(1)- موقع الجزيرة، التيار الإسلامي الديمقراطي المستقل، https://bit.ly/35pDo4D
 (2)- مركز مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط، “جماعة الإخوان المسلمين في سورية، http://bit.ly/38wwhsR
 (3)- موقع القدس العربي، “الجبهة الإسلامية أكبر تحالف للفصائل الإسلامية المعارضة في سورية” https://www.alquds.co.uk/
 (4)- موقع الجزيرة نت، سبعة فصائل سورية تندمج بـ “الجبهة الإسلامية”، https://bit.ly/2LCzqys
 (5)- موقع عربية iNews، “الإرهاصات السياسية الناشئة في مرحلة الثورة السورية”. 
(6)- ويكيبيديا، جبهة النصرة، https://ar.wikipedia.org/wiki/
(7)- موقع الجزيره نت، معارضون يؤسسون اتحاد الديمقراطيين السوريين،
https://bit.ly/3p4KOSs
 (8)- ويكيبيديا، الهيئة العامة للثورة السورية، https://ar.wikipedia.org/wiki/ 
 
(9)- مركز مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط، “لجان التنسيق المحلية في سورية”
http://bit.ly/2LFVUhU
 (10)- موقع حزب الجمهورية، البيان التأسيسي،
https://www.rpsy.org/founding-statement
 (11)- موقع الحزب الجمهوري السوري، التعريف بالحزب الجمهوري السوري، http://bit.ly/3o03lOD
 (12)- ويكيبيديا،  المنظمة الآثورية الديمقراطية، https://ar.wikipedia.org/wiki/
(13)- ويكيبيديا، حزب ازادي الكردي في سوريا، https://ar.wikipedia.org/wiki/ 
 (14)- ويكيبيديا، “هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي”
https://ar.wikipedia.org/wiki/
 (15)- مركز الجزيرة للدراسات، “الحوار السياسي في سورية: جهود للوصول إلى السلام المفقود”،
https://bit.ly/3qee8q1
 (16)- مركز مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط، تيار بناء الدولة السورية،
http://bit.ly/2XWVDuc