الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أميركا وإيران.. سياسة أو حرب

أميركا وإيران.. سياسة أو حرب

29.04.2019
عادل عبد الله المطيري


العرب القطرية
الاحد 28/4/2019
لا حديث يعلو على حديث الحرب، ولا صوت أبشع من صوت طبول الحرب التي تخفت وتزداد منذ سنوات عن حرب ستقوم بين الأميركان والإيرانيين، الأسباب المعلنة هي إيران واستمرارها في التجارب الصاروخية، والتدخل في شؤون دول الجوار.
لا أريد أن أذكر سيئات إيران ولا حسناتها، ولا أريد أن أستذكر سلسلة الأحداث والمشكلات حول الاتفاق النووي الإيراني والانسحاب الأميركي منه، ما أريد التركيز عليه هو: هل من مصلحة دول الخليج حدوث حرب في المنطقة؟ وهل لا توجد طرق أخرى لحل الإشكال الإيراني؟
بداية، يجب أن نشير إلى أن دول مجلس التعاون ما زالت تتمتع بالاستقرار الداخلي النسبي، فحتماً لا يوجد تهديد إيراني مباشر.
ثانياً: عند الحديث عن التدخلات الإيرانية في الشأن العربي، يجب أن نؤكد أن العلاقة الحميمية دائماً ما تحتاج إلى طرفين!! ففي سوريا، كان الوجود الإيراني بطلب من نظام بشار المجرم، كما أن الحديث عنه الآن متأخر جداً، خصوصاً بعد أن حقق التدخل الإيراني والروسي مبتغاه في تثبيت نظام بشار، وفي ظل هرولة بعض الخليجيين للترويج لعودته إلى الجامعة العربية.
أما في العراق، فحلفاء إيران يشكّلون الأغلبية في البرلمان والحكومة، ولا يبدو أن أميركا ودول الخليج لديهم مشكلة في التعامل مع الحكومة العراقية الحالية، فأميركا تحت حكم ترمب حاربت مع هذه الحكومة ضد "داعش"، وأما دول الخليج فتستقبل رئيس وأعضاء الحكومة، وتوقّع معهم الاتفاقيات وتمنحهم المليارات!
وأخيراً: في اليمن الذي أصبح حلبة المصارعة الطائفية في المنطقة، فالجميع لديه وكلاء يحاربون عنهم، وأعتقد أن الحصار المفروض على اليمن لا يسمح بدخول أي دعم من أية دولة، كما أن طول أمد الحرب أثبت صعوبة الحسم العسكري لاعتبارات جغرافية وسياسية ودينية، لذلك لا بد من الحل السلمي، ويبدو أن الجميع مقتنع بذلك.
إذن ما اعتبره الخليجيون تدخلاً إيرانياً في الشأن العربي يمكن معالجة بعضه سياسياً كما في لبنان واليمن، وأما في العراق وسوريا فأصبح أمراً واقعاً لا تستنكره السياسة الرسمية الخليجية، وإن خالفتها وسائل إعلامها بغرض الاستهلاك المحلي.
وأما الحديث في الشأن السياسي الداخلي، ودعم إيران لجماعات داخل المجتمع الخليجي، فيمكن مكافحته والرد بالمثل عليه، كما صرح أكثر من مسؤول خليجي، ولا يصل الأمر إلى حد إشعال حرب شاملة.
وأما التجارب الصاروخية الإيرانية، فيرد عليها باستكمال مشروع الدرع الصاروخي، كما كان ينوي الرئيس الأميركي السابق أوباما فعله.
نحن نتفهم أن تمارس الولايات المتحدة نفوذها بمنع شراء البترول الإيراني، ولكن المنع المباشر بمعنى إعاقة ناقلات البترول من قبل القوات الأميركية، فهو يتعارض مع القانون الدولي من ناحية، وسيفجر المنطقة وسيتسبب في تهديد الملاحة الدولية وإغلاق مضيق هرمز من ناحية أخرى.
بمناسبة الحديث عن الحرب، فلا أحد يمكنه فهم سياسة ترمب، وهل سياسته تجاه إيران يمكن وضعها تحت بند الدبلوماسية أو الحرب، فالاستعدادات العسكرية الأميركية على قدم وساق بالمنطقة، هناك حاملتا الطائرات "إبراهام لينكولن" و"جون ستينيز"، ترافقهما طائرات هجومية وضعت في حالة استعداد في البحر المتوسط قبالة الشواطئ السورية.
والإيرانيون -على لسان مسؤوليهم السياسيين والعسكريين- يرفضون سياسة تصفير صادراتهم البترولية، ويهددون بمنع الآخرين من تصدير نفطهم.
ختاماً: هل التحركات العسكرية والتهديدات من قبل الولايات المتحدة هي نوع من الدبلوماسية كما عبّر عن ذلك سفيرها في روسيا جون هانتسمان حين قال: "إن كل حاملة طائرات أميركية في مياه المتوسط تعادل 100 ألف طن من الدبلوماسية العالمية".
إن الإيرانيين -وعلى لسان الرئيس روحاني- وحتى بعد إعلان ترمب أن الهدف تصفير صادرات إيران البترولية، ما زالوا يؤكدون أن المفاوضات ممكنة، ولكن يجب وقف الضغوط والتهديد أولاً.