الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أماكن انتشار منظومة صواريخ S-400 في تركيا تكشف عن السيناريوهات المقبلة بالمنطقة

أماكن انتشار منظومة صواريخ S-400 في تركيا تكشف عن السيناريوهات المقبلة بالمنطقة

15.07.2019
ماهر علوش



نداء سوريا
الاحد 14/7/2019
تضاربت الأنباء عن الأماكن التي سوف تنتشر فيها منظومة صواريخ S-400، وكنت أعتقد أن أقرب الاحتمالات هو (1) نشرها في محيط ولاية مرسين أو أضنة التركية، حيث كانت التهديدات الأبرز لتركيا في شرق المتوسط على خلفية بدء التنقيب عن النفط والغاز، ثم انتشرت أنباء تفيد باحتمال (2) نشرها في محيط العاصمة أنقرة، وبالفعل وصلت الأجزاء الأولى من المنظومة إلى قاعدة "مرتد" الجوية قرب أنقرة، والتي كانت مركز عمليات الانقلاب في 15 تموز.. وهناك أنباء أخرى تفيد باحتمال (3) نشرها في ولاية أورفا جنوب شرق تركيا، ولكل واحد من هذه الاحتمالات قراءة خاصة به.
أما الاحتمال الأول: وهو نشرها في محيط ولاية مرسين وأضنة، فهذا يعني أن الهدف من نشر المنظومة تأمين مناطق شرق المتوسط، وحماية السفن التركية التي تقوم بالتنقيب عن النفط والغاز من التهديدات اليونانية المستمرة، وفي نفس الوقت يمكن أن تكون فاعلة أيضاً في مناطق شمال غرب سوريا فيما لو تبدلت التحالفات الدولية، وتماسكت العلاقات التركيةـالروسية على حساب العلاقات التركيةـ الأمريكية.
أما الاحتمال الثاني: وهو نشرها في محيط العاصمة أنقرة، فهذا يمكن قراءته في أحد اتجاهين، مع احتمال أن يكون وصول المنظومة إلى أنقرة مجرد محطة أولى تهدف إلى تجميعها ثم إعادة نشرها في مكان آخر:
الاتجاه الأول: الهدف منها داخلي بحت كما أشرنا له في مقال سابق، وهو مواجهة أي حركة انقلاب عسكري ربما يقودها بعض ضباط سلاح الجو التركي في أي وقت، تفادياً لتكرار ما حدث في انقلاب 15 تموز.
الاتجاه الثاني: الهدف تجميد الصفقة وإخراجها من إطار الفاعلية العسكرية، حيث لن يكون لها أي تأثير في شرق المتوسط بسبب بعد المسافة، وعدم دخول الأهداف المحتملة في المدى المجدي للمنظومة، كما لن يكون لها أي تأثير في شمال سوريا لنفس السبب، ويمكن اعتبار شرائها وتجميدها حينئذ بمثابة (1) إنهاء لمأزق التهديدات الأمريكية السابقة حول امتلاك المنظومة، (2) إخراج تركيا من مأزق الرضوخ المباشر للتهديدات، وتحمل تبعات إنهاء الصفقة.
أما الاحتمال الثالث: وهو نشرها في محيط ولاية أورفا جنوب شرق تركيا في مدينة (سروج)، فهذا يفيد أن الهدف منها تأمين الأجواء في جنوب شرق تركيا، وشمال شرق سوريا، وبقليل من التأمل سوف نكتشف الهدف بعيداً عن تهديدات التنظيمات الإرهابية في جنوب تركيا، أو الإقليمية سواء من سوريا أو العراق أو إيران.
أعتقد أن هذا الاحتمال يعيد إلى الأذهان السيناريو الخطير الذي كتبنا عنه أكثر من مرة، وهو احتمال نشوب مواجهة بين المحور الصهيوني العربي وتركيا في شمال شرق سوريا، على خلفية دخول قوات عربية إلى المنطقة، وتحالفها مع قوات سوريا الديمقراطية.
ربما إذا أمعنا قليلاً في نظرية المؤامرة ــ ولا أحب الاعتماد عليها طبعاً ــ يمكن استنتاج أن سماح الولايات المتحدة الأمريكية لتركيا بفرض منطقة آمنة في شمال شرق سوريا ــ وهو ما تجدد الحديث عنه بعد استلامها منظومة صواريخ S-400 ــ هو مقدمة لإحداث تماس مباشر بين تركيا والمحور الصهيوني العربي الذي يتجه إلى تعزيز علاقاته مع الأسد.
إن أسوأ سيناريو يمكن توقعه على الإطلاق هو نشوب حرب عربية ـ تركية قبل نشوب حرب عربيةـ إيرانية، وهو أكثر السيناريوهات المدمرة للأمة العربية والإسلامية التي يمكن أن نتخيلها، مع اعتقادي أنه لا مصلحة لأحد بنشوب أي من الحربين؛ لأن النتيجة الحتمية لأي حرب في المنطقة هي دخول البلاد العربية مجدداً تحت الوصاية الدولية، والاحتلال المباشر لأراضيها.