الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- هل التقارب التركي الروسي لصالح الشعب السوري ؟

ألمانيا- هل التقارب التركي الروسي لصالح الشعب السوري ؟

30.06.2016
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين 29‏/06‏/2016
لا يعتبر الهجوم الارهابي الذي استهدف في وقت متأخر من مساء يوم أمس الثلاثاء 28 حزيران / يونيو مطار استانبول / أتاتورك / الدولي وراح ضحيته اكثر من اربعين شخصا واصابة عدد لا يُعرف بجروح الاول من نوعه الذي يستهدف تركيا . فقد عانت استانبول وانقرة ومدن تركية اخرى من هجمات ارهابية بعضها من قبل عناصر ينتمون لحزب العمال الكردستاني والاخرى لما يُطلق عليه بتنظيم / الدول الاسلامية / حسب إدعاءات وجزم الحكومة التركية ، بالرغم من وجود عناصر ارهابية تنتمي الى منظمات  قومية وماركسية متشددة تتربص بتركيا الدوائر .
الا ان العمل الاجرامي الارهابي الاخير الذي وقع يوم أمس الثلاثاء جاء بعيد  تقارب تركي روسي بعد مرحلة من حالة احتقان خطيرة تنذر بحرب حقيقية تقع بين تركيا وروسيا جراء التدخل الروسي الى جانب بشار اسد بذبح الشعب السوري وتحرش موسكو بانقرة من خلال انتهاك طائرات عسكرية روسية الاجواء التركية كان من بينها اسقاط طائرة مقاتلة عسكرية روسية في وقت سابق من عام 2015 ، فقد كان اسقاط الطائرة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بالعلاقات التركية الروسية ، فتهديدات فلاديمير بوتين تركيا بالويل والثبور وابراز عضلاته لم تكن الا فقاعات هوائية اذ ان موسكو لا تملك الجرأة على مهاجمة تركيا ليس خوفا من حلف شمال الاطلسي / الناتو / بل خشيتها من غضب اسلامي عارم  مصدره روسيا وليس الدول الاسلامية على حسب رأي رئيس لجان شئن السياسة الخارجية بالبرلمان الالماني سابق روبريخت بولنتس ، اذي يؤكد بان / الناتو / لا يريد حماية تركيا ولا يريد اي احتكاك عسكري مع موسكو ، وبالتالي فان الدول الاسلامية تعيش حاليا في اجواء نزاعات عسكرية اقليمية  تسعى لتجاوزها.
ويرى مراقبون سياسيون بان التقارب التركي الروسي لن يفيد بالشيء الكثير بتغيير سياسة موسكو  المعادية للشعب السوري ووقوفها مع ايران الى جانب بشار اسد ، فتركيا تعاني حاليا من ضغوط اوروبية وروسيا تعاني من عزلة اوروبية ولا بد للدولتين المذكورتين البحث عن مخرج للضغوط والعزلة من خلال المبدأ السياسي الذي يؤكد مقولة نابوليون بونابرت عدو عدوي صاحبي فاوروبا تعادي حاليا اردوغان وبوتين والمصالحة لن تساهم بتغيير سياسة تركيا تجاه دعمها للشعب السوري كما لن يؤدي سحب موسكو يدها من بشار اسد وانهاء تحالفها السياسي والعسكري والاقتصادي مع ايران  ، عدا عن ذلك فان المصالحة التي جرت بين الحكومة التركية والكيان الصهيوني ربما تساهم بتغيير الاوروبيين سياستهم تجاه تركيا ، هذه السياسة التي تكمن برفضهم الغاء تأشيرة دخول الاتراك دول الاتحاد الاوروبي وتعجيل المفاوضات مع انقرة لادخالها عضوية الاتحاد الاوروبي ، فالحماس لعضوية تركيا  ببركسل اصبح يتلاشى لدى الاتراك ، الا ان المصالحة ستعود منفعتها لصالح شعب غزة .
لكن من يقف وراء  الاعتداء الارهابي الاخير الذي استهدف مطار أتاتورك الدولي ؟ ففي اول رد على العملية الاجرامية التي استهدفت مطار أتاتورك الدولي ، طالب زعيم حزب الخضر جين اوزدمير / تركي الاصل / الذي كان وراء حث البرلمان الالماني على اصدار قرار يدين الدولة العثمانية بتهجير الارمن وتعرضهم لمجازر أثناء الحرب العالمية الاولى ، الحكومة الالمانية والاوروبيين الوقوف الى جانب تركيا بمصابها الجلل ودعمها ودعم المجتمع الدولي بالحرب ضد ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية / وغيره من تنظيمار ارهابية اجرامية تتخذ من الاسلام غطاء هذه الجرائم ، الا ان اوزدمير الذي ينتمي الى الطائفة النصيرية بتركيا اتهم بالوقت نفسه انقرة بانها كانت ترسل اسلحة الى / داعش / وها هي الان تدفع ثمن سياستها السابقة تجاه التنظيم المذكور مطالبا بالوقت نفسه بضرورة الضغط على الحكومة التركية لوقف اعمالها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني .
تعليق واتهام اوزدمير للحكومة التركية بدل ان يبدي أسفه للابرياء الذين سقطوا مساء يوم أمس الثلاثاء بمطار استنابول الدولي ، ساهم باستياء رئيس لجان شئون السياسة الخارجية بالبرلمان الالماني نوربرت روتجين الذي رأى بهذه التصريحات شماتة وغير واقعية واتهاما من اجل ازدياد تدهور العلاقات الالمانية التركية مطالبا المعادين لتركيا بالبرلمان الالماني من اصول تركية ان يثبتوا انتماءهم لالمانيا وحرصهم على دعم العلاقات الالمانية التركية بدل صب الزيت على النار قبل ان يفقد الاوروبيون تركيا بشكل كامل محذرا من إغضاب  الاتراك جراء هذه الحملات .
تصريح روتجين الذي كان من بين من رفض ادانة الدولة العثمانية بالبرلمان الالماني يعتبر الاول من نوعه من ينتقد اعضاء البرلمان الالماني من اصول تركية اذ ان جلهم عدا عضوة البرلمان جميلة باومصييف ، من الطائفة النصيرية ومن الاكراد ، ولسان حاله يقول مثل قول جرير يهجو اصحاب مسيلمة الكذاب بقوله :
أمسسلمة الكذاب قال لكم  لن تبلغوا المجد حتى تغضبوا مضرا
ويعتقد مراقبون سياسيون وامنيون ان عملية استانبول الاخيرة رد فعل على التقارب التركي الروسي اذ ان تنظيم / داعش / وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديموقراطي الذي يراسه صاحب مسلم مرتبطة بنظام سوريا فربما يؤدي التقارب الى تقارب الاوروبيين مع اردوغان وبوتين من جديد .
وكانت الحكومة الالمانية قد وصفت  العملية الانتحارية الاجرامية التي طالت مطار / أتاتورك / الدولي في استانبول مساء يوم أمس الثلاثاء 28 حزيران / يونيو وراح ضحيته اكثر من خمس واربعون شخصا واصابة عدد غير معروف بجروح بالهمجية والبربرية ورسالة واضحة الى المجتمع والراي العام الدولي بالتكاتف لمواجهة الارهاب الذي هو ضد الانسانية جمعاء .
وأعربت المستشارة انجيلا ميركيل ومعها وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير للرئيس التركي رجب الطب اردوغان ورئيس الوزراء علي يلدريم عن مواساتهما لذوي ضحايا القتلى والشفاء السريع للجرحى ودعم المانيا لتركيا حكومة وشعبا والحرص على استقرار تركيا وسياسيا وامنيا واقتصاديا ، كما أعرب الرئيس الالماني يوئاخيم جاوك باتصال هاتفي أجراه مع اردوغان عن استنكاره الشديد وشجبه للعملية الاجرامية التي استهدفت آمنين بمطار استانبول الدولي / أتاتورك / مساء يوم امس الثاثاء 28 حزيران / يونيو راح ضحيتها ابرياء مؤكدا له وقوف الشعب الالماني والحكومة الالمانية الى جانب الاتراك وغيرهم من ضحايا العملية الارهابية في مصابهم الذي وصفه بالجليل معربا عن مواساته لاردوجان والحكومة والشعب التركي مؤكدا له حرص المانيا على قوة من العلاقات مع تركيا.