الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أطفالنا يضيعون في أوروبا ؟!

أطفالنا يضيعون في أوروبا ؟!

04.02.2016
د. فايز رشيد



الشرق القطرية
الاربعاء 3/2/2016
إنها رحلات الموت للأطفال اللاجئين، الذين لا ترافقهم عائلاتهم وقد تكلف بعضهم أرواحهم مبكرًا، فيرحلون تاركين وراءهم حلم الوصول إلى "الجنة الأوروبية"، بينما تكلف آخرين موت أحلامهم وهم أحياء! إنها الحقيقة المبكية والمدمية.
لقد نشرت صحيفة الجارديان أن ما يقارب الـ10 آلاف طفل لاجئ لا يرافقهم ذووهم، اختفوا بعد وصولهم إلى أوروبا، وفق ما أعلن جهاز الشرطة في الاتحاد الأوروبي (اليوروبول)، مبديًا تخوفه من وقوع هؤلاء الأطفال في براثن عصابات تجار البشر.
ونقلت صحيفة "الجارديان" عن قائد جهاز الشرطة في الاتحاد الأوروبي، بريان دونالد، أن آلاف القصر اختفوا ولم يعثر عليهم بعد تسجيل معلوماتهم لدى سلطات الدولة، وكشف المسؤول الأمني أن 5000 طفل فقدوا في إيطاليا، و1000 قاصر اختفوا مؤخرًا في السويد، مؤكداً أنهم لا يعلمون بالفعل أين هم الآن؟ وماذا يفعلون ومن يرافقهم؟ وتحدث دونالد عن 270.000 طفل لاجئ، وجميعهم لا يرافقهم أهلهم، مشيراً إلى أن 10 آلاف طفل مفقود هو عدد تقديري، وتبقى التقديرات نسبية لغياب إحصاءات رسمية إلى ذلك.
أكد المسؤول في جهاز الشرطة في الاتحاد الأوروبي لصحيفة الجارديان، أنهم عثروا على أدلة تشير إلى تعرض بعض الأطفال اللاجئين الذين لا ترافقهم عائلاتهم للاستغلال الجنسي، لافتًا إلى اعتقال أعداد كبيرة من المتورطين في استغلال اللاجئين. خاصة مع تطور المنظومة الإجرامية المرتبطة بملف الهجرة إلى أوروبا خلال الأشهر الماضية.
على صعيد آخر، نشرت صحيفة إندبندنت "أن أوضاع المهاجرين في أوروبا مزرية، مما اضطر وكالة إغاثة اللاجئين الأممية للتدخل لإنقاذ عشرات الأطفال "اليتامى" من الاحتجاز في زنازين الشرطة القذرة والملطخة بالبراز!- في جزيرة كوس اليونانية_ حيث كانوا يحشرون مع عتاة المجرمين حتى تقرر السلطات اليونانية إلى أين تنقلهم بعد ذلك!؟
وفي سياق أزمة اللاجئين، كتبت صحيفة تايمز في إحدى افتتاحياتها أن الجدارة الكبيرة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كسياسية مشهود لها. والتي منحتها تأييدًا شعبيًا لها، تقوضه هذه الأزمة التي تشكل تحديًا كبيرًا يستهلك ألمانيا الآن!
وحذر مدير إدارة الطوارئ بمنظمة رعاية الأطفال (اليونيسيف) من أن "العالم يواجه حاليًا أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية".
في أسباب الهجرة للأطفال العرب وأهاليهم إجمالًا، والتي أخذت تتصاعد في الآونة الأخيرة، وبخاصة من العراق ولبنان وسوريا والدول العربية في شمال إفريقيا. يمكن القول: "بداية لو كانت الأوضاع في بلدان المهاجرين مستقرة بالمعنيين الاقتصادي والسياسي وبالضرورة الاجتماعي، لما حصلت الهجرة. للأسف، فإن العديد من الدول العربية أصبحت طاردةً لأبنائها بالمعنى السياسي، فالحروب والأحداث الداخلية في هذا البلد العربي أو ذاك، هي بحد ذاتها عامل مساعد على هجرة الناس منها.. كما أن العامل الأهم هو أن المواطن العربي في العديد من الدول يفتقد إلى الفضاء الرحب لمطلق الإنسان.. وهو الحرية. ويفتقد إلى غياب الديمقراطية في بلده.. وبالفعل: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟".
المواطن العربي في العديد من البلدان العربية، يعاني القمع والدكتاتورية والخنق والضائقة الاقتصادية! فلماذا لا يهاجر وعائلته وأطفاله؟! مسكين مواطننا العربي عندما يعيش قضايا حياتية أولية في زمن العولمة في القرن الواحد والعشرين! العالم قطع مشوارًا بعيدًا في التطور.. وللأسف نحن مازلنا في عصر أشبه بالمرحلة البدائية في سُلّمه.
الوطن انتماء لكنه أيضًا قضية.. هو حرية. عدالة. عطاء لأبنائه. ديمقراطية.. وذكريات طفولة وحنين إلى ترابه! إن افتقد الوطن لكل عطاء لأبنائه في الذي حددناه. يصبح غُربة تمامًا مثل مسرحية "غربة" للأستاذ دريد لحام.
الوطن سماء مفتوحة، يتسع لكل الآراء في سبيل تطويره! إن افتقد الوطن لكل ذلك.. يصبح اللافرق موجودًا بينه وبين أي عاصمة في هذا العالم. لهذا عنون الموهوب محمد الماغوط كتابًا له بـ"سأخونك يا وطني" هو لم يقصد خيانة حقيقية للوطن.. بل هو يرفض كل ما هو سيئ في وطنه.