الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "أس400" و"اللجنة الدستورية".. كيف تؤثران على معارك إدلب؟

"أس400" و"اللجنة الدستورية".. كيف تؤثران على معارك إدلب؟

09.07.2019
 مصطفى محمد


عربي21
الاثنين 8/7/2019
تبدو المعارك في أرياف حماة واللاذقية المتصلة بإدلب مفتوحة على سيناريوهات عدة، لا سيما مع فشل كل الجهود السياسية الدولية والإقليمية في احتواء الموقف العسكري المتأزم بين قوات النظام المدعومة روسيا، وفصائل المعارضة المدعومة تركيا.
لكن، وبالمقابل يؤشر إعلان تركيا قرب موعد تسلمها لمنظومة الصواريخ الدفاعية الروسية "أس400"، وما يبدو توافقا تركيا روسيا جديدا على مسألة تشكيل "اللجنة الدستورية"، والتصريحات التي يدلي بها مسؤولون من الجانبين عن حدوث اختراق في هذا الجانب، إلى أن بوادر تهدئة باتت تلوح في أجواء شمال غربي سوريا.
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قد أكد في مقابلة تلفزيونية، مؤخرا، انتهاء الخلاف حول تعيين أعضاء "اللجنة الدستورية"، وأضاف أنه "ينبغي على روسيا أن تضبط النظام السوري بخصوص الهجمات التي يشنها على إدلب".
وبالتوازي مع ذلك، تحدثت مصادر روسية عن حدوث اختراق في "اللجنة الدستورية" التي ستكلف بإعداد دستور جديد للبلاد، والتي ستضم 150 عضوا (50 من معارضة، 50 من النظام السوري، 50 من المجتمع المدني تختارهم الأمم المتحدة)، وكشفت في تصريحات لوسائل إعلام عن مقاربة روسية جديدة، لدفع عملية التسوية السياسية.
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، عن أمله في قرب انطلاق عمل "اللجنة الدستورية"، كاشفا عن عقد لقاء تحضيري بصيغة أستانة قريبا، تمهيدا لقمة روسية تركية إيرانية جديدة حول سوريا.
ويدفع ما سبق، إلى جانب القمة الثلاثية الجديدة حول سوريا، التي ستعقد، منتصف الشهر القادم، في تركيا، بمشاركة روسيا وإيران، بمراقبين إلى ترجيح سيناريو توقف المعارك المحتدمة منذ ما يزيد عن شهرين.
المعارك إلى توقف
الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد أديب عليوي، قال إن سير المعارك على الأرض، وفشل روسيا في فرض رؤيتها، مقابل نجاح تركيا في فرض رؤيتها، دفع بموسكو إلى التيقن بأن تحقيق انتصار في المعركة بات أمرا صعبا.
وأضاف عليوي لـ"عربي21"، أن هذه الظروف أفرزت تقاربا تركيا روسيا، علما بأن المعركة أساسا هي رسائل متبادلة بين أنقرة وموسكو.
وتابع بأن هذا التقارب سيؤدي قطعا إلى توقف المعارك، بعد أن اكتفت الأطراف المعنية، أي تركيا وروسيا بالرسائل التي وصلت لكليهما، على حد تقديره.
ويبقى السؤال هل سيكون توقف المعارك على المدى القريب، أم ماذا؟
مسألة وقت
ومجيبا على هذا التساؤل، أكد القيادي في "الجيش الحر" النقيب عبد السلام عبد الرزاق، أن توقف المعارك "بات مسألة وقت".
وبين المعطيات التي استند عليها في قراءته لتوقيت توقف المعركة، قال لـ"عربي21": "فشل الاحتلال الروسي في معركة احتلال إدلب، لكن الاعتراف بذلك على الملأ ينال من هيبتها الدولية، ولذلك فإن المعارك ستأخذ قليلا من الوقت، إلى حين أن تعثر موسكو على مخرج مناسب".
ووفق عبد الرزاق، فإن ذلك لا يعني أن روسيا ستستكين قبل إعلان توقف المعارك، مرجحا أن "يتخلل هذا الوقت، أي إلى حين إعلان وقف المعارك، محاولة أخيرة بشتات قوات النظام، وبعناصر من "الفرقة الرابعة"، بعد أن نجحت موسكو مؤخرا باستمالة قائدها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار، وهو المعروف بتبعيته لإيران".
وفي السياق ذاته، اعتبر النقيب المنشق عن النظام، أن فشل القوات التي يقودها سهيل الحسن المعروف بـ"النمر" في تحقيق تقدم عسكري واضح، على الرغم من القصف الروسي الشديد، واستخدام القوة النارية المفرطة، دفع بالروس إلى استمالة ماهر الأسد.
 الإعلان عن هدنة قريبا 
ولم يذهب الصحفي خليل السامح، الموجود في إدلب، بعيدا عن قراءة عبد الرزاق، قائلا لـ"عربي21": "باستثناء القصف الجوي الذي يتصاعد، فإن وتيرة المعارك البرية انخفضت أساسا من نحو أسبوع، وغالبا سيتم الإعلان عن هدنة من جانب تركيا وروسيا".
وأشار السامح إلى إعلان روسيا للهدنة لأكثر من مرة في وقت سابق، وقال إن "رفض  فصائل المعارضة للهدنة، أرغم موسكو على التنسيق مع القوات المدعومة إيرانيا، أي الفرقة الرابعة المرتبطة بطهران، وذلك على الرغم من الخلافات بين موسكو وطهران".
وكان الائتلاف السوري، قد دعا في بيان إلى وقف ما أسماه بـ"القصف الوحشي" من النظام، مضيفا أن "الانتظار الدولي لن يساهم إلا في تعقيد الأوضاع، وسيأخذ الأمور نحو الدمار وخسارة المزيد من دماء الأبرياء، ما يعني أن على الأطراف الفاعلة أن تتحمل مسؤولياتها، وأن تعمل بشكل جماعي من أجل تفعيل آلية دولية قادرة على وقف القتل والإجرام بحق السوريين، وفرض الظروف المناسبة لإنجاح حل سياسي مستند إلى القرار 2254، ويضمن استعادة حقوق الشعب السوري الكاملة في الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية والديمقراطية".
واللافت للانتباه، غياب إيران عن المشاركة الحقيقية في معارك إدلب، وهو الأمر الذي أرجعه الباحث بالشأن السوري، أحمد السعيد، إلى عدم وجود أي مصلحة لإيران في إدلب، وعلق بقوله: "هي معركة روسية فقط".
وفي حديثه لـ"عربي21" اعتبر أن "إدلب خرجت عن حسابات إيران في سوريا، بعد إجلاء سكان بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين، في صيف العام الماضي".
وعدّ أن "طهران المثقلة بالعقوبات الأمريكية ليست لها مصلحة في توتير علاقتها مع أنقرة"، ما يعني بحسب السعيد، أن موقف طهران المحايد، إن جاز التعبير، حيال معارك إدلب، يجعل إعلان الهدنة أمرا يسيرا على تركيا وروسيا، وفق تقديره.
وأضاف أن "المليشيات المرتبطة بإيران كانت تعيق دائما تنفيذ الهدن بين النظام والمعارضة، وهو الأمر الذي حصل في أكثر من منطقة عسكرية، من حلب إلى الغوطة والجنوب السوري".
المفاوضات ترسم بالدم
من جانبه، أكد المحلل السياسي، الدكتور مأمون السيد عيسى، أن الفصائل لن تقبل بهدنة دون انسحاب قوات النظام من المناطق التي سيطرت عليها مؤخرا (المضيق، وكفرنبودة).
وأضاف لـ"عربي21"، أن المعارك الأخيرة خلفت عددا ضخما من النازحين الجدد، وهذا الرقم الذي يقدر بأكثر من نصف مليون نسمة، يشكل عبء إضافي إلى جانب الأعداد السابقة من النازحين.
وشدد عيسى على ضرورة عودة هؤلاء، لأنهم يعانون ظروفا سيئة، وقال "جوهر المشكلة في أعداد النازحين الضخم، وروسيا تريد وقف إطلاق النار دون التراجع، ما يجعل التنبؤ  صعبا حول كيفية وتوقيت انتهاء المعارك".
وأضاف أن "الفصائل لن تقبل بأي طرح لوقف إطلاق النار دون الرجوع إلى الحدود السابقة، ما قبل المعارك الأخيرة، كي يتسنى عودة الأهالي".
ووفق عيسى، فإن "المفاوضات حول إدلب ترسم بالدم".