الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أسطوانة مهاجمة قاعدة حميميم المشروخة 

أسطوانة مهاجمة قاعدة حميميم المشروخة 

19.08.2020
د. محمد عادل شوك



الايام السورية 
الثلاثاء 18/8/2020 
في كلّ مرّة ترغب فيها روسيا بالتهرّب من الوفاء بالتزاماتها مع تركيا، بخصوص إدلب، بموجب الاتفاق الملحق باتفاق أستانا، الذي بات يعرف ببرتوكول (الخامس من آذار/ 2020)، الذي أوقف إطلاق النار فيها، بعد قضم ما يقرب من (40%) من مساحتها، تعلن عن تعرّض قاعدة “حميميم” لهجوم بالطائرات المسيّرة، انطلاقًا من مناطق سيطرة الفصائل المسلحة في إدلب وريف اللاذقية. 
وهي لا تفوِّت الفرصة في توجيه أصابع الاتهام إلى من تصفهم بالراديكاليين في إدلب، وأنّ ذلك تحدٍّ منهم لمقاومة تنفيذ الجيشين الروسي والتركي لهذا البرتوكول الإضافي. 
ففي إحاطتها يوم الخميس: 13 آب/ أغسطس الجاري، تشير ماريا زخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، إلى أنّ فصائل المعارضة قد كثفوا “قصفهم للقوات الحكومية والبلدات والقرى المجاورة، وأنّهم قد استمروا في استفزازاتهم في الممر الأمني على طول الطريق السريع/ M4، مشيرة إلى أنّ ” محاولاتهم تلك في مهاجمة قاعدة “حميميم” الجوية الروسية، تثير قلقاً خاصًا لدى حكومة بلادها “، ولفتت الأنظار إلى أنّه ” قد تمَّ صدّ آخر هجوم لهم بثلاث طائرات مسيّرة، في: 10 آب/ أغسطس الجاري”. 
يرى المراقبون أنّه قد فات زخاروفا، أن تكلِّف نفسها عناء التفتيش عن أطراف أخرى، لا تريد المضي في بنود هذا البروتوكول، وتسعى جاهدة في أن تبقى الخطوات متعثِّرة عند بنده الثاني، حتى لا تجد نفسها ملزمة في الانتقال إلى بنديه الآخرين. 
الأمر الذي استدعى بحسب قولها إيقاف الدوريات المشتركة مع الجانب التركي على طريق M4، وتلكؤ الانتقال إلى البندين (3- 4)، من هذا البرتوكول؛ لأنّه “لا يمكن تحقيق استقرار قويّ في منطقة خفض التصعيد في إدلب إلَّا بعد تحييد بؤرة الإرهاب هناك “. 
يرى المراقبون أنّه قد فات زخاروفا، أن تكلِّف نفسها عناء التفتيش عن أطراف أخرى، لا تريد المضي في بنود هذا البروتوكول، وتسعى جاهدة في أن تبقى الخطوات متعثِّرة عند بنده الثاني، حتى لا تجد نفسها ملزمة في الانتقال إلى بنديه الآخرين؛ لأنّ ذلك يعني الكثير من تفويت الفرص عليها، في تعقيد للمشهد، وتأزيم للأمور، في وقت باتت جلّ الأطراف تقول بضرورة وضع حدّ لمآسي الملف السوري، وهو في منتصف عامه التاسع، ولاسيّما في ظلّ مزيد من النداءات الإنسانية، بضرورة إعادة ( مليون وسبعمائة وخمسين ألف) إلى بيوتهم في جنوب وشرق إدلب. 
تأتي هذه التصريحات، كتكرار في البحث عن ذرائع، تبرِّر فيها أيّ تصعيد عسكريّ تجاه إدلب، كما جرت عليه العادة في مرَّات أخرى سبقت، انطلاقًا من أنّ الأمن المستدام في إدلب مرهون بشرط نجاح وحيد، هو فصل المعارضة المعتدلة عن الراديكاليين، وذلك أمرٌ بحسب رأيّ روسيا لا يمكن تحقيقه إلَّا من خلال تحييدهم (أي القضاء عليهم)؛ ما يعني أنّ النية لديها هي التصعيد في إدلب، للمقايضة في ملفات أخرى عالقة مع الأتراك. 
ويرى هؤلاء المراقبون أنّ على روسيا أن تتحلّى بشيء من الواقعية في التعامل مع الملف السوريّ عمومًا، ومع ورقة إدلب على وجه التحديد؛ فدونها وإدلب كثيرٌ من الحواجز الأمريكية، وعليها أن تسعى لجعل حزمة مساعيها في هذا الملف متسقة مع حزمة الضوابط الأمريكية، وحبذا لو أدركتْ أنّ تكرار معزوفة مهاجمة قاعدتها في “حميميم” بالطائرات المسيرة للمرة الألف، بات أسطوانة مشروخة؛ وعليها أن تنسج قصة أخرى غيرها، أكثر حبكة وتصديقًا.