الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "أستانة 14" حول سوريا: رفض "خلق واقع جديد على الأرض" … وخلافات في التنفيذ والتفاصيل

"أستانة 14" حول سوريا: رفض "خلق واقع جديد على الأرض" … وخلافات في التنفيذ والتفاصيل

14.12.2019
هبة محمد



القدس العربي
الخميس 12/12/2019
دمشق – "القدس العربي" : جددت تركيا وروسيا وايران في البيان الختامي للمحطة الرابعة عشرة لمباحثات "أستانة" التي اختتمت أعمالها الأربعاء في العاصمة الكازاخية نور سلطان، التزامها بسيادة سوريا ووحدة أراضيها، وعبرت الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) في بيانها عن رفض المحاولات الرامية إلى "خلق واقع جديد على الأرض"، بما في ذلك مبادرات الحكم الذاتي غير المشروعة، بذريعة مكافحة الإرهاب، معربة عزمها على الوقوف ضد الأجندات الانفصالية التي تهدف إلى تقويض سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية وكذلك تهديد الأمن القومي للبلدان المجاورة. ولكن بقيت الخلافات حول التنفيذ و"شيطان" في التفاصيل.
وأخطرت الدول الضامنة لاتفاق أستانة بأنها اتفقت على ضرورة الحفاظ على استقرار وأمن شمال شرقي سوريا على المدى الطويل والذي "لا يمكن تحقيقه إلا على أساس الحفاظ على سيادة البلاد وسلامة أراضيها"، ورحبت الدول الثلاث بإبرام مذكرة 22 أكتوبر الروسية التركية بشأن الاستقرار في تلك المنطقة وأكدت أهمية اتفاقية أضنة لعام 1998.
وأعرب البيان الختامي للدول الضامنة عن القلق إزاء تعزيز "هيئة تحرير الشام" والتنظيمات المرتبطة بها، وجودها في إدلب، معتبرة "تصعيد نشاطها هناك، خطراً على المدنيين داخل منطقة خفض التصعيد وخارجها"، وأكد ثلاثي "أستانة" عزمه مواصلة التعاون من أجل القضاء على كافة الجماعات الإرهابية المرتبطة بـ"داعش" أو "القاعدة" بشكل نهائي، مؤكدة أن النزاع السوري لا حل عسكرياً له، وجدد التزام ضامني "أستانة" بعملية سياسية طويلة الأمد وقابلة للحياة، يقودها وينفذها السوريون أنفسهم بدعم من الأمم المتحدة، مشيراً في هذا الصدد إلى أهمية انعقاد اللجنة الدستورية السورية في جنيف.
وفي ختام كل جولة، يذكر البيان الختامي كل البنود السابقة ويضاف اليها الحديث عن أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى الإفراج عن المعتقلين، وزيادة المساعدة الإنسانية لجميع المواطنين السوريين، إضافة إلى تعميم التهدئة في إدلب ومحطيها، بيد أن المحطات الـ 13 لم تحقق أي انجاز يذكر من كل ما سبق، بل على العكس، شهدت المناطق الداخلة في اتفاق "خفض التصعيد" تصعيدًا عسكريًا عنيفًا، وظفته موسكو كحل وحيد، خدمة لنظام الأسد، ما رجح كفة الميزان لصالحه وزاد من تفوق قواته، ووسع رقعة نفوذه، بينما تقلصت مناطق سيطرة المعارضة السورية وانحسر نفوذها، بدون أي دعم دولي حقيقي، كما ان المراحل السابقة لم تشهد إفراجاً فعلياً عن معتقلين والمغيبين في سجون النظام أو مساعدات إنسانية توازي حجم الكارثة الإنسانية التي شردت وهجرت مئات الآلاف من بيوتهم وخاصة في شمال غربي سوريا، على الحدود السورية – التركية. ومع ذلك، قررت الدول الثلاث الضامنة بموافقة ممثلي المعارضة والنظام، في الجلسة الختامية الأربعاء، عقد جولة جديدة من المباحثات في مسار "أستانة" في مدينة نور سلطان في آذار/مارس عام 2020.
 
الثلاثي الروسي – التركي – الإيراني بحث ملفات إدلب و"الدستورية" والمعتقلين
 
الباحث السياسي وائل علوان رأى في حديثه مع "القدس العربي" أن الأطراف المشاركة في المباحثات، أكدت بشكل رئيسي على الحفاظ على المسار السياسي الموازي للحل الميداني في سوريا، فهي تحرص على استمرار التفاهمات ولو بأدنى درجاتها عبر الطرق الدبلوماسية، "ولا سيما ان الأطراف التركية والروسية تعي تماماً أن هناك مصالح متقاطعة وأن على كل طرف أن يراعي مصلحة الطرف الآخر".
وأشار المتحدث إلى عدم توافق الوفود المشاركة على جدول أعمال موحد معتبراً ان "الحل النهائي مرسوم بخطه وشكله العام ولكن هناك خلافات في التنفيذ والتفاصيل"، ومن وجهة نظره فإن كل طرف من الأطراف الدولية يركز على جانب مختلف، حيث "ركز وفد المعارضة على ملف المعتقلين واللجنة الدستورية، ووقف إطلاق نار جاد وحقيقي وكامل، إضافة لعدم بدء عمليات عسكرية تحت ذريعة أنها غير واسعة".
وبرزت خلال الاجتماعات، رؤى متناقضة للفاعلين الدوليين حول مصير ادلب فالأمر بحسب ما يقول علوان "سياسي وهناك أوراق تفاوضية تلعب بها جميع الأطراف في سوريا"، مشيراً إلى احتمال أن يكون هناك تباين بين مرحلة وأخرى في التصريحات أو المواقف نتيجة سير العملية التفاوضية، أمر جائز" معتبراً أن الحل النهائي مرسوم بخطه وشكله العام ولكن هناك خلافات في التنفيذ والتفاصيل. وأشار علوان إلى أن روسيا تنظر إلى منطقة خفض التصعيد على أنها مسؤولية تركية وقد قامت الأخيرة بإنشاء نقاط مراقبة فيها، معتقداً أنها "لا تستطيع فرض أشياء كثيرة على أرض الواقع لأن المنطقة فيها فصائل لا تتوافق مع السياسة التركية، لذلك فإن تلك النقاط هي تسجيل للأحداث فقط" مضيفاً أن تركيا تحتاج إلى وقت لتنفيذ اتفاق "سوتشي" بفتح الطريقين وكذلك إنشاء المنطقة منزوعة السلاح دون خسائر كبيرة في حال الصدام بين فصائل المعارضة والطرف الروسي أو الحكومي.وفي السياق، اعتبر مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، في ختام الجولة التفاوضية ان أي مباحثات دولية، تعقد حول سوريا، في ظل غياب روسيا لن تخرج بنتيجة، وقال إن القمة الرباعية التي يخطط الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لعقدها في اسطنبول في شباط/فبراير المقبل، لن تثمر في ظل غياب روسيا. وأردف لافرينتييف في مؤتمر صحافي "يجب أن تكون روسيا حاضرة على أي حال لدى بحث أي مسائل تتعلق بالتسوية السورية، لأن روسيا لاعب محوري على الساحة السورية، ولديها علاقات جيدة مع الحكومة السورية".
وأضاف لافرينتييف "أن هذا الموضوع قد يثار خلال زيارة رئيسنا إلى تركيا مطلع كانون الثاني/يناير. أظن أن اردوغان سيتطرق إلى هذه النقطة"، مشيراً إلى أن روسيا لم تتلق بعد دعوة للمشاركة في القمة". وشدد لافرينتييف على أنه "في ظل غياب روسيا، لن يكون الأمر مثمراً بما فيه الكفاية، ومن غير الصائب توقع أن يخرج مثل هذا المؤتمر بنتيجة إيجابية. وسبق أن أعلن الرئيس التركي في أعقاب الاجتماع الذي عقده مع زعماء فرنسا وبريطانيا وألمانيا على هامش قمة حلف الناتو مطلع الشهر الجاري، أن قمة ثانية بالصيغة نفسها ستستضيفها إسطنبول في شباط/فبراير المقبل.