الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أسئلة مؤتمر استانة ومستقبل الأزمة السورية

أسئلة مؤتمر استانة ومستقبل الأزمة السورية

26.01.2017
سامح المحاريق


الرأي الاردنية
الاربعاء 25/1/2017
انعقد في العاصمة الكازاخستانية أستانة مؤتمر استطاع أن يجذب أنظار العالم في اليومين الماضيين خاصة أنه استقطب ممثلي النظام السوري للتواصل بصورة مباشرة مع ما يعرف بالمعارضة، وعلى الأقل جزء كبير من المعارضة، ويبدو أن اختيار المكان والتوقيت كانا يتقصدان المحافظة على فرصة التراجع عن كل المؤتمر والتنصل منه.
كازاخستان دولة كبيرة في آسيا الوسطى، ولكنها ليست مؤثرة على المستوى العالمي، ولم تعرف لها سوابق نشطة على مستوى الدبلوماسية الدولية، والميزة التي تتمتع بها كازاخستان هي علاقات متميزة بين تركيا وايران وروسيا، وبحيث يمكن أن تعتبر نقطة توازن بين الدول الثلاثة المؤثرة في مجريات المؤتمر والتي تقدم ضمانات مباشرة وأخرى غير مباشرة لإنجاحه ومتابعة تنفيذ ما يتفق عليه في أحداثه، ولكنها في الوقت نفسه يمكن أن تمثل فرصة لانسحاب تكتيكي على المستوى الدبلوماسي كما حدث مع تركيا التي أثارت مطالبتها بتنحي الرئيس الأسد قبل المؤتمر بيومين فقاعة دبلوماسية غير ضرورية، وأحد أوراق اللعب المستهلكة أصلاً.
التوقيت في ظل التغيب الأمريكي وانشغال الأمريكيين بعملية تداول السلطة واستقبال الرئيس ترامب ومشاريعه الطموحة يعطي فرصة أيضاً للتراجع عن نتائج المؤتمر، وحتى التنصل منه كلية في حالة فشله وتحوله إلى عبء على الدول الراعية، على أساس أن الأمريكيين يستطيعون أن يتدخلوا لفرض شروط جديدة، وأن الظروف أصبحت مواتية أمامهم لترتيب مصالحهم في المنقطة.
النجاح التكتيكي في الحوار بين النظام والمعارضة يبقى مبتوراً من سياق دبلوماسي ضروري أن يتم تأسيسه في إطار أوسع من الثلاثي الروسي – الإيراني – التركي والذي يشهد تباينات كبيرة بين الأطراف التي تتطلع لأن تأخذ المبادرة في صياغة مستقبل سوريا، والتوجه الاستراتيجي لا يمكن أن ينطلق في ظل هذه الثلاثية مهما كان ثقل تواجدها وتأثيرها الميداني في سوريا، ففي النهاية يجب أن يحضر الأمريكيون والأطراف العربية سواء من خلال كتلة مقابلة لموازنة التفاهمات الثلاثية بين القوى ذات الطموحات الإقليمية، أو من خلال توازنات أخرى يمكن أن تضمن تسوية طويلة المدى تحقق مصالح جميع الأطراف.
المؤتمر سيبقى لفترة معوماً وتائهاً وسيضاف إلى أوراق أخرى يمكن أن تندمج في حزمة واحدة لتصبح جزءاً من حل متكامل ومتواصل للمسألة السورية، ويمكن أن تبقى مشتتة بين الرعاة المختلفين وأصحاب المصالح المتباينين، وذلك لن يتحدد قبل أن يتفاعل المؤتمر ضمن ردود الأفعال الإقليمية والدولية، والأردن أحد الدول التي يهتم جميع الأطراف بالاستماع إلى رأيها بخصوص التفاهمات في أستانة، وأمامها جولات مرهقة أخرى من التفاهمات والترتيبات بخصوص تشكيل حل إقليمي مناسب للوضع السوري يحفظ وحدة تراب سوريا وشعبها، ويراعي مصالح الدول المجاورة التي تكبدت خسائر فادحة نتيجة تواصل الأزمة السورية على امتداد السنوات الماضية.
استانة دخلت إلى خارطة السياسة العالمية من خلال الشأن السوري، ولكن دخولها مؤقت ومرتبط بهدف معين، وستكون فرصة المدينة لأن تحتل مكاناً مناسباً في كتب التاريخ مرتبطة بمستقبل المؤتمر والدور الذي سيشغله في مسارات الأزمة السورية.
المؤتمر أيضاً وطبيعة تفاعل نتائجه سياسياً يمكن أن يحكم بشكل عام على طبيعة الشهية التي يحملها الأمريكيون والروس والجيران في الإقليم تجاه المنطقة، والأدوار التي يطمحون لأدائها.