الرئيسة \  مشاركات  \  أسئلة التغيير: من أين ، وإلى أين ، ولماذا ، ومتى ، وكيف ؟

أسئلة التغيير: من أين ، وإلى أين ، ولماذا ، ومتى ، وكيف ؟

08.11.2018
عبدالله عيسى السلامة




الجيوش المحترفة ، تلقّن جنودها ، أنّ الجنديّ ، الذي يريد تبديل موقعه ، وهو في المعركة ، في حالة مواجهة مع العدو،  يجب أن يطرح ، على نفسه ، مجموعة من الأسئلة ، وأن يجيب عليها ، قبل أن يبدّل موقعه ، وهي :
 مِن أين : أيْ ؛ أنْ يعرف ، طبيعة الموقع ، الذي هو فيه : هل يوفّر له الأمن ، والحماية من العدوّ ، وقذائفه ، وعيونه ؟ وهل هومُريح ، له ، من حيث : القدرة على توفير الطعام والشراب .. ومن حيث : دفع الأذى المحتمل ، من الوحوش ، وهوامّ الأرض ، وحشراتها..؟ ونحو ذلك !
وإلى أين : مالموقعُ الجديد ، الذي يودّ الانتقال ، إليه : هل هوبعيد ، أم قريب ؟ وهل يوفّر له، الأمن والحماية ، أم لا ؟ وهل هو خير، من الموقع ، الذي هو فيه ، من حيث : مواصفاته ، وإمكانية تأمين المستلزمات ، الضرورية والأساسية ، فيه ، أم لا ؟ وغير ذلك !
 ولماذا : لماذا الانتقال ، من الموقع الحالي ، إلى الجديد ؟ وهل السبب يتعلق ، بطلب المزيد من الحماية ، وتوفير الشروط الأساسية ، المناسبة للمكوث ، في الموقع .. أم جدّت أمور،  تقتضي ترك الموقع الحالي ، والانتقال ، إلى الموقع الجديد ؟  
 ومتى : متى يتمّ الانتقال ، إذا تقرّر: صباحاً .. مساءً .. وقت الظهيرة .. في أثناء اشتداد الحرّ، أو البرد ، أو المطر.. ؟ أو في وقت حصول ضباب ، يحجب الجندي ، عن عيون العدوّ ..؟ وغير ذلك ، من الأسباب ، التي تجعل ظرفاً ، أفضل من آخر، للانتقال ، من الموقع الحالي، إلى الجديد !
 وكيف : كيف يتمّ انتقال الجندي ، من موقعه : زحفاً .. سيراً .. ركضاً ..؟ وذلك ، كي يصل، إلى موقعه الجديد ، بأسرع وقت ، و دون أن تراه أعين العدوّ !
 وقد يكتشف الجندي ، في المعركة ، بعد دراسة البدائل المتاحة ، أنّ مكانه ، هو الأفضل ، أو الأقلّ سوءاً !
 والأسئلة ، التي يطرحها الباحث ، عن الموقع العسكري ، قد يجد الباحث ، عن البديل السياسي ، نفسَه ، يطرحها ، أو يطرح مايماثلها، أوماهو قريب منها، مضطراً ، أو مختاراً!
لكنّ المسألة ، في البحث ، عن البديل السياسي ، أكثر تعقيداً ؛ إذ البديل السياسي ، ليس هو المكان ، بل ، هو: الموقف ، والعلاقة ، والقرار !
وقد يكون البديل : عقد صلح ، مع عدوّ مُحارب .. أو شنّ حرب ، ضدّ جهة ما .. أو إقامة علاقة سياسية ، أو اقتصادية ، مع طرف ما !
وقد يكون البديل ، هو: الانسحاب : من حزب ما ، أوحلف ما .. كما قد يكون : تشكيل حزب جديد ، أوحلف جديد !
كما قد يكون البديل : تغيير قيادة حزب ما ، أو حلف ما .. أو تغيير هيكلية حزب ما ، أوحلف ما !
 وإذا كان الجندي ، سيّد قراره ، في المعركة ، في تبديل موقعه .. فإن السياسي ، ليس وحده، صاحب القرار، في كثير، من الأمور السياسية ؛ لاسيّما ، مايتعلّق ، بعمل عامّ ، مشترك ، مع أناس آخرين! وكلّما كثر الشركاء ، في القرار، توجّب على السياسي، أن يطرح أسئلة جديدة، تتعلّق : بإرادات الآخرين ، وأمزجتهم ، ومصالحهم ، وقواهم ، في الساحة ، التي يعمل فيها، صاحب القرار السياسي ؛ فهو لايبني قصوراً ، في الهواء ، بل ، يسعى ، إلى صنع واقع ، تتزاحم فيه : القوى ، والمصالح ، والإرادات ! والهوامشُ المتاحةُ له ، في صنع هذا الواقع ، قد تكون ضيّقة ، جدّاً ، كما أنّ السقوف ، قد تكون منخفضة ، جدّاً ، ويجد نفسه مضطرّاً، للعمل ، ضمن هذه الهوامش والسقوف ! وقد يكون من بين بدائله ، السعي ، إلى توسيع الهوامش ، ورفع السقوف ، والبحث عن أعوان ، في هذا المجال !
وهكذا يجد العامل ، في الشأن السياسي ، نفسه ، غارقاً ، في دوّامة ، من الأفكار الهامّة، والضرورية ، للبحث ، عن بدائل ، هي أكثر إمكانية وجدوى ، من سواها ، وأقلّ ضرراً، وخطراً ، من غيرها ! وقد يجهد نفسه ، ويبذل الكثير، من وقته ، ثمّ يكتشف ، أنه وقع ، في أخطاء فادحة .. أوأنه اختار البديل الأسوأ ، أوالأكثر خطراً ، والأعلى كلفة ، والأقلّ جدوى! وذلك ؛ لكثرة عناصر القرار السياسي ، التي تجب معرفتها ، والتي يُعرف بعضُها ، يقيناً ، وبعضُها لا يُعرف ، إلاّ ظنّاً .. ثمّ يأتي حسابُ قيمة كلّ منها ، في المعادلة ، وتأثيرِ كلّ منها ، في الحاضر والمستقبل !