الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أزمة "قواعد اشتباك" بين أنقرة وموسكو

أزمة "قواعد اشتباك" بين أنقرة وموسكو

28.11.2015
أيمن الحماد



الرياض
الخميس 26/11/2015
    في الخامس من أكتوبر الماضي حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان روسيا من إمكانية خسارة صداقة بلاده بعد سلسلة الخروقات الروسية للمجال الجوي التركي وطالب حلف "الناتو" بردّ قوي على التجاوزات الروسية.
وبالأمس وصف الرئيس الروسي إسقاط تركيا طائرة عسكرية روسية بأنه طعنة في الظهر، والآن وقد وقع ما كان يخشى حدوثه، فإننا بصدد انتظار الرد من موسكو الذي قد يحدث أو قد لا يحدث وهذا مرجح، فالانزلاق تجاه أي ضربة على الأراضي التركية، لا يبدو وارداً البتة في حسابات موسكو. والواقع أنه عندما تدخلت روسيا عسكرياً في الأزمة السورية سارعت الدول إلى ضرورة تنسيق تحركها العسكري في المجال السوري، حتى "إسرائيل" كان على رئيس وزرائها أن يتجه للكرملين ليتحدث مع الرئيس الروسي بشأن هذه الحملة العسكرية، تفادياً لحدوث ما جرى اليومين الماضيين بين روسيا وتركيا، عندما أسقطت الأخيرة طائرة "سوخوي" روسية قالت إنها اخترقت أجواءها ما اعتبرته أنقرة انتهاكاً لحدودها وهو ما تنفيه موسكو.
إلى ماذا ستقودنا هذه الحادثة؟ في الوقت الذي صعد الرئيس الروسي اللهجة بشكل غير مسبوق تجاه تركيا، برر المسؤولون في أنقرة تلك الخطوة بأنها جاءت وفقاً لقواعد الاشتباك، ومنعاً لانتهاك الحدود التركية والحفاظ على سيادتها. هذا التطور الخطير الذي تمتد أبعاده باعتباره أول اشتباك حقيقي بين الناتو وروسيا منذ إنشاء الحلف الأطلسي قد يدفع باتجاهات أكثر حدة قد تنعكس على المسار السياسي أكثر من أي شيء آخر الذي تقوده مجموعة من الدول الإقليمية مع روسيا والولايات المتحدة لحلحلة الأزمة السورية، والمصادفة أن هذه الضربة جاءت في وقت تسعى أنقرة وواشنطن لفرض منطقة عازلة خالية من "داعش" ربما صارت مطلباً أوروبياً وليس تركياً فقط، فالرئيس هولاند طالب بمراقبة الحدود التركية السورية لمنع تدفق الإرهابيين إلى أوروبا، كما أن الرئيس الفرنسي نفسه سيزور روسيا اليوم من أجل بناء تحالف أكثر قوة للحرب على "داعش"، لكنه سيواجه مأزقاً حقيقياً بسبب إسقاط الطائرة الروسية.
وبالرغم من أن حدة التصريحات الصادرة بين الطرفين تعكس توتراً شديداً لاسيما مع مطالبة الرئيس الروسي مواطنيه عدم التوجه إلى تركيا، إلا أنه لا يبدو في الأفق أن أزمة مقاطعة اقتصادية بين تركيا وروسيا قد تحدث بين البلدين، إذ أن غالبية المشروعات التي أرسيت مؤخراً بين الجانبين ذات طابع استراتيجي؛ فخط الغاز المسمى "تركيش ستريم" والمفاعلات النووية الأربعة التي ستعمل شركة "روساتوم" الروسية على تشييدها في تركيا لا يمكن تعطيلها في وقت تسعى موسكو توسيع علاقاتها السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط.
هذه الأزمة ربما تتكرر مرة أخرى على شكل اصطدام بين طائرات التحالف الدولي وطائرات روسية، إن لم يتم التزام قواعد اشتباك واضحة بين الأطراف التي تنخرط يوماً بعد يوم بشكل أكبر وأكثر شراسة في ظل تأكيد تكثيف الضربات العسكرية على معاقل "داعش".