الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أردوغان في حمى بوتين

أردوغان في حمى بوتين

25.12.2016
سميح صعب


النهار
السبت 24/12/2016
بديهي أن تحاول روسيا ترجمة تطورات حلب في السياسة. وهذا ما أفضى الى اجتماع موسكو الثلاثي بين وزراء خارجية روسيا وايران وتركيا، على رغم مأساة اغتيال السفير الروسي في أنقرة أندريه كارلوف على يد شرطي تركي قبل ذلك بساعات. وجلي أن موسكو عضت على جرح الاغتيال كي تحقق اختراقاً في المسار السياسي عجزت عن تحقيقه مفاوضات جنيف.
روسيا التي أخذت على عاتقها منذ أكثر من سنة فرض واقع ميداني جديد في سوريا، تنصرف بكل جهودها الآن الى اقناع تركيا بالانضمام اليها والى ايران في رسم الخطوط العريضة للحل في سوريا. واتفاق إجلاء مقاتلي المعارضة من حلب الشرقية والحالات الانسانية من بلدتي الفوعة وكفريا اللتين تحاصرهما المعارضة في ادلب، أثبت أن في امكان روسيا وايران وتركيا ضمان تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
ولئن كانت تركيا هي من يرعى معظم فصائل المعارضة السورية، فإن أنقرة تملك من التأثير على هذه الفصائل ما لا تملكه أية قوة اقليمية أخرى. وحتى لو كان بعض الاطراف الاقليميين غير راضين عن التطورات الاخيرة في حلب، فإن هؤلاء الاطراف لن يكونوا قادرين على التأثير من دون البوابة التركية.
ومن هنا الحرص الروسي والصبر الايراني على سياسات رجب طيب اردوغان المتقلبة وبذل مزيد من الجهد لاقناعه بالانضمام الى موسكو وطهران في البحث عن حل سياسي للأزمة السورية. ويبدو أن فشل السياسات التركية في سوريا منذ أكثر من خمس سنوات ونصف سنة، هو أكبر مساعد لروسيا وايران في سعيهما الى احداث استدارة تركية حيال دمشق.
ولم يحصد أردوغان في سنين اندفاعه لتغيير النظام في سوريا سوى تراكم الخيبات التي أوصلت تركيا الى خوض حروب على جبهات متعددة من الشمال العراقي الى الشمال السوري الى "حزب العمال الكردستاني" في الداخل، الى تجدد الجدل مع أوروبا بسبب القمع الذي تمارسه الحكومة التركية منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 تموز الماضي، الى جبهة تعديل الدستور التي سيكون حزب العدالة والتنمية الحاكم في حاجة الى القوميين الاتراك كي يتمكن من تحويل النظام رئاسياً.
هذه العوامل تتضافر مع التطورات العسكرية في الداخل السوري كي تقنع اردوغان باحداث الاستدارة المطلوبة روسياً وايرانياً. فالخيارات تضيق أمام الرئيس التركي فيما يبدو أن مد اليد الى روسيا وايران والمساعدة فعلاً على اطفاء النيران السورية، هما بداية طريق خروج تركيا من أزماتها المتعددة.