الرئيسة \  قطوف وتأملات  \  أدب وسياسة : "من هذا الذي يتألى عليّ ..".. الحُرم.. والتطويب..والتقديس ليست من شعائر الإسلام

أدب وسياسة : "من هذا الذي يتألى عليّ ..".. الحُرم.. والتطويب..والتقديس ليست من شعائر الإسلام

09.01.2020
زهير سالم




في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه " (أن رَجُلًا قَالَ: وَاللَّهِ لا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلانٍ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لا أَغْفِرَ لِفُلانٍ؟ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلانٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ))
والتألي على الله هنا أن يتقدم عبد ضعيف بحكم بين يدي الله ورسوله . وهو من تفسير قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) ألا تسبقوا إلى إطلاق الأحكام ، في العام أو الخاص ، وفي الجماعي أو الفردي .
ومن صور التألي على الله أن أجزم وأنا العبد الضعيف أن الله راحم فلان ، أو معذب فلان .. وإنما هي أحكام عامة تصدر على العموم فنقول : إن الله راحم المؤمنين والمتقين ، ومعذب الكافرين والظالمين ..
ومن صور التألي على الله عند بعض الأديان حكم " الحرم " يصدره كهنوت بحق شخص فيحكم عليه أنه من أهل النار . ثم قرار التطويب ثم التقديس يصدره كهنوت بحق شخص فيؤهله للجنة ولمقام القداسة والقديس بحكم النبي عند بعضهم . والتطويب هو عتبة التأهيل للتقديس ..
في سني تعلمنا على أيدي علماء ثقات كانوا يحرصون دائما على سلامة عقائدنا وتقويم ألسنتنا على شريعة الله ..
فإذا سمعوا من أحدنا اندفاعا في ذم أو ثناء وفي وعيد أو وعد .. علمونا : لا تتألوا على الله ، قولوا نحسبه ونظنه ..قولوا ولا نزكيه على الله . قولوا نحسبه ولا نزكي على الله أحدا أبدا .. قولوا نشهد بما علمنا والله حسيبه ..
وإذا قلنا : الشهيد قالوا : قولوا نحسبه ، ندعو الله له أن يرزقه مقام الشهداء
وغير هذا هو من التقدم على الله ، والله يقول : (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) وهو من التألي على الله ، والرسول الكريم يروي عن ربه " من هذا المتألي عليّ ؟!! "
الدين ليس صكوك براءة وغفران ولا صكوك إدانة وحرمان ..
ومن يظن أنه يملك تطويب القديسين والشهداء فقد أعظم على الله الفرية ..
(قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ).
وحسبنا الله ونعم الوكيل ..
لندن : 13/ جمادى الأولى / 1441
8/ 1/ 2020
__________
*مدير مركز الشرق العربي