الرئيسة \  رسائل طائرة  \  رسائل طائرة 29-04-2024

رسائل طائرة 29-04-2024

29.04.2024
زهير سالم




رسائل طائرة 29-04-2024

زهير سالم*
جقم ومجق ومجّق…
ومرّ معي قديما في بعض المعاجم العربية، أن الجيم والقاف لا تجتمعان في كلمة عربية أبدا…
هذه المعلومة مخزونة في ذاكرتي، منذ سنين، ولكنً واقعا ما، دفعها هذا الصباح إلى السطح، وجعلني أحاول أن أتحقق منها…
فنحن نستخدم في معجمنا الدارج الفعل جَقَمَ..
فنقول عن المعوج في الطريق أو في الشيء أو الجسم وأهمه الوجه والشق "أجقم"
وأكثر ما نستخدم وصف الأجقم في الكلام والرأي. ووَضّعْنا مثلا نخاطب به الناس "اجلس أجقم واحكي سيوي" واجلس اجقم ليس أمرا بل هو تمثيل، يقصدون به ولو كان مجلسك مائلا فإن كلامك يجب أن يكون مستقيما.
ويقولون "وجه أجقم" للمصاب بمرض يسميه الأطباء "اللقوة" وهي قد تكون دائمة أو عارضة..
ويبقى الجقم في المواد والأبدان أخف منه في الآراء، والتنظيرات والتقعيدات وإصدار الأحكام ..
ويقولون للذي يدعي الشبع "هل أكلت الجقمة" والجقمة على ما كانت تخبرنا والدتي رحمها الله تعالى هي ما نسمية، المصران الأعور، أو القطعة الزائدة من المصران، وهي زعموا إذا حشيت بالرز واللحم كانت شديدة الوطأة على المعدة…
ومما اجتمع فيه الجيم والقاف، في لغتنا السائرة: المجق..
ويقول الناصح لمن يسمعه يكثر الهذر، كما يحصل على بعض الصفحات: حاجة مجق. وهذا الكلام كله مجق. بمعنى لا حقيقة فيه، ولا زبدة له، ولا فائدة منه.
وربما لو علق بعضكم على ما أكتب الآن بقوله "حاجة مجق" لأصاب المثل..
ولكن المجق كثرة الكلام مع قلة الفائدة، يكاد يكون سببا أساسيا في ضياعنا..
وتردينا، وذهاب ريحنا..
في لغة القرآن الكريم ضرب الله مثلا بالزبد الطافي على وجه السيل (فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا) هذا هو المجق.
في الحديث الشريف حذرنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حالةَ الغثائية!! والغثائية أيضا صورة منتزعة من السيل قال "أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل"
ونقول في لغتنا السائرة أيضا مجّق..
ونستعملها في التقبيل وفي المبالغة في المديح…
فحين يلقى إنسان غائبا أو حبيبا أو صديقا فيمعن في تقبيله يقال له "حاجة تمجيق"
وتقال لمن يمعن في المديح والتزلف ومنح ألقاب التعظيم
مولانا الذي يظل يخلع كل يوم ألقاب التقديس والتعظيم، على من يريد الترويج له..
لن أغادر قبل أن أشرح معنى خلع عليه..
فقد كان الملك ولن أقول الخليفة، أو الأمير إذا سمع من رجل كلاما أو رأيا أو شعرا أعجبه، يخلع ما على كتفيه ويلقيه عليه… هل نتذكر معنا البردة!! وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلع بردته على كعب بن زهير، لقصيدته بانت سعاد..
ولكن بعضنا يخلع كل صباح لقب القطبية على ولي يعتقد فيه.
نظرية القطب الواحدا والأوتاد الأربعة والأبدال الأربعين، نظرية واضحة رياضية. في الزمن الواحد هناك قطب واحد فقط يساعده أربعة أوتاد ومن ورائهم أربعون بدلا…
محددون يقوم كل هؤلاء بتدبير الأكوان، نيابة عن الله جل الله..
وكلما مات منهم واحد خلفه من يقوم مقامه!!
المهم يا صاحبي وحسب نظريتك نفسها، لا يمكن أن يجتمع عشرة أقطاب في زمن واحد… في حي واحد في مدينة واحدة، إن كنت حلبيا ففي حلب، وإن كنت..
حاجة مجق وتمجيق واقعد اجقم واحكي سيوي يا رعاك الله..
تعبنا والله تعبنا أيها الناس حتى أصابتنا العدوى حتى صرنا نمجق مجقا ونقول هذرا
اللهم عافنا واعف عنا…
____________
*مدير مركز الشرق العربي